Mobile : 00436889919948 [email protected]
Follow us:

رئيس التحرير

هل يفعلها شباب الصحوة.. وينقلبون على أباءهم؟!

هل يفعلها شباب الصحوة.. وينقلبون على أباءهم؟!



هل يفعلها شباب الصحوة.. وينقلبون على أباءهم؟!

 

طلال مرتضى*

ثمة إيهام مفتعل في العنوان اعلاه، لعليّ تقصدت في تعميته من باب إن الكثيرون منا تفتنهم تلك العناوين الفادحة والتي في الغالب الأعم يراد من حقها باطلاً، هذا على عكس ما أردته أنا في مطالعتي هذه

الشباب في العنوان، أولادنا نحن أبناء المغترب الجدد وأما الاباء لم يعودا ضميرا مستترا كما في المطلع، إشكالية الحكاية كلها تكمن في كلمة الانقلاب، تلك المفردة التي تعرفنا إليها في السنوات العشر الأخيرة والتي أصبحت كمتلازمة لكل هرج يتطرق لتفاصيل سياسة البلاد

على سيرة البلاد، اعرف بأن الكثر ممن دخلوا غياهب الحرب وأوغلوا عميقا في أنفاقه، استفاقوا وعادوا إلى رشدهم وقناعتهم الكاملة والتي تدلي، إن في الحرب ما ممن منتصر، في الحرب الكل خاسر

وعلى سبيل الخسارة، لعلنا نحن، وأقصد بالكلمة، الذين استطاعوا الهروب بأعجوبة من بين فكي كماشة الحرب ممن تكبد أقل الخسارات أو عوض بعض منها إذ لم يكن كلها، لكن وعلى الرغم من هذا كله، هروبنا ووصولنا إلى ضفة النجاة الأخرى، لم نستطع تجاوز هذه الحرب مطلقا، بل تأصلت في كريات دمنا كمرض وبيل لا يمكن التخلص منه

حين ركبنا قوارب الموت على نية فتح القارة العجوز، تخففنا من كل شيء أمام مهابة البحر، خلال لحظات معدودة استعدنا علاقتنا مع ذواتنا وعلاقتنا مع خالقنا والذين توجهنا إلى متضرعين على قصد النجاة، بعدما عاهدناه بأن لا نحيد عن سراطه المستقيم، لكننا ومع وصولنا إلى أول جزيرة في الضفة التالية، انقلبنا على كل مواثيقنا التي وقفنا عليها

تكشف كل شيء، نحن لم نتعلم من دروس الحرب، ومن تعلم منها وهم أكثرية مطلقة بين أبناء جلدتي، صاروا يمارسون ما تعلموه هناك علينا

من لا يؤمن بما أؤمن فهو كافر ومرتد، ومن لا يناصر من أناصر فهو عدوي اللدود، ومن ينجح ويتقدم بدل أن أدفع به إلى الامام، أضع كل عصي فشلي في عجلات عربته كي انكشف، وعلى هذا المنوال.. حدث ولا حرج

أمس دعيت كضيف عابر على منصة تيك توك مع عدد من الشباب السوري المغترب، وكان الحديث عن تشرذم جاليتنا السورية الكبيرة بالعدد والتي لا تكاد تشكل حضورا لتفرقتها، ما لفت انتباهي إن عدد من السباب الذي تحدث، تحدث بوعي مختلف، خطاب جديد لم اسمعه من قبل، خطاب أقل ما أقول بأنه خطاب عقلاني، خطاب الصحوة

كانت المحاور تسير في نسق معرفي واضح، بما أننا أصبحا جزء من هذه البلاد، علينا ارتكاب ثقافته والامتثال لقوانينه والتي لا تنفي علينا كل حقوقنا ولا تحاربنا لسلخنا عن ثقافتنا أو تجريدنا من هويتنا الدينية

كان لسان حال الشباب واحد، نريد جالية خالية من كل الامراض التي توارثناها والتي جعلت الكثير منا يعمل على قطيعة أو محاربة ابن بلده لمجرد أنه لا يؤمن بما أؤمن ولا يناصر من اناصر

في سري تساءلت هل سينجحون؟

باعتقادي بأنهم يستطيعون فعلها، لانهم ليسوا مثلي أو مثلك، حيث ندور حول أنفسنا ولا نرى خارج دائرتنا قيد متر بعيد، على عكسهم، خلال سنوات قليلة بدأوا يتعاشوا في فكرة الاختلاف، عدا أنهم أدركوا أكثر مننا، بإن هذا البلاد الفرص متكافئة، من يعمل ينال ومن يدرس ينجح ومن يني المسير فالطريق أمامه معبدة، لا يمكن لأحد اقتناص الفرصة من يدي مستحقها

أنا أراهن بأنهم يستطيعون الانقلاب على كل أمراضنا وإن عشنا سنرى إن كنا مؤمنين

مؤمنين كلمة أحب كتابتها بكل مقالاتي، لأنني أجد في حروفها نبضا مختلفا عن غيرها من الكلمات، وعلى سبيل ذكرها الآن تذكرت موقف عابر في بداية رحلة اللجوء التي مررنا بها

ففي إحدى ملاذات اللجوء في النمسا، كان شاب هيبي يعمل معلما في إحدى المدارس الفيناوية، يزور الكامب ويحصص من وقت فراغه عدة ساعات لتعليمنا بعض مفاتيح اللغة الألمانية التي ستكون لغتنا الثانية في هذا البلد، ثمة شريك بجواري كان يراقبني وانا أهجئ بعض الحروف، مال نحوي وهو يعيد ترتيب حبات سبحته المعطرة هامسا، أنظر كم هو جميل أن يأتي هذا الشاب من بعيد كي يعلمنا اللغة، كم كان أجمل لو لم يكن كافرا!

أنا أرمي بين يديكم بأن الانقلاب الذي سيرتكبه أولادنا قادم، فعلينا أن لا نقف في وجهه كي لا يجرفنا سيله، من الجدير أن نجاريه، لأنه حين لا يندلق لا يمكننا مجابهته.. وما أجملها صحوة الأبناء.

 

*كاتب عربي/ منصة فن ومدن للإعلام/ فيينا.

 

 



تاريخ النشر ::2/3/2024 5:11:27 PM

أرشيف القسم

صفحاتنا على مواقع السوشيال ميديا