Mobile : 00436889919948 [email protected]
Follow us:

رئيس التحرير

هل الآبدة الأوربية تندثر؟

 هل الآبدة الأوربية تندثر؟



 هل الآبدة الأوربية تندثر؟

 معاينات من ارض الواقع

 

 فن ومدن*

 في مطلع الحكاية, لعل السؤال أعلاه يتبدى لقارئه فجاً!, ولكن الحقيقة الكلية المرصودة بأم العين لا يمكن الالتفاف حول مصداقيتها..

 مما لا شك به بأن الأوابد الأوربية وبغض النظر عن تصنيفها التاريخي, كمعالم فنية مثل المتاحف الذائعة الصيت, كاللوفر الفرنسي ومتحف   الفاتيكان  ومتحف أوفيزي وبلفادير النمساوي أو دينية, مثل شتيفان دووم النمساوية وكاتدرائية ميونخ الألمانية والكثير من معالم إيطاليا الدينية وتحديداً   كاتدرائية ميلانو الكبرى وكنيسة نوتردام الفرنسية, بالإضافة إلى كنائس مدينتي براغ وبودابست التي بدأ شمع حضورهن يأفل بشكل تدريجي أو   سياسية,  كالقصور الفارهة في النمسا أو ما يطلق عليها "الإمبراطورية" وقوس النصر الفرنسي وبرج إيفل, والقائمة تطول..

 لا يمكن لأحد أن ينفي أهمية تلك المعالم وبكل تصنيفاتها, ولا يمكن تجاهل رمزيتها عند كل الشعوب الأوربية, هذا عدا عن الاهتمام المفرط إن صح   المقال, بالاهتمام بها, من خلال الصيانة المستمرة على مد العام وحراستها من أيدي العابثين على خلاف ما حصل تماماً لأوابد بلادنا التي دمرت   بشكل كلي..

 بالتأكيد وفي هذا المقام لا بد من الاعتراف بأن الفرق شاسع, وأعني اهتمام حكوماتنا العربية بأوابدنا التاريخية واستثمارها كما ينبغي كما تفعل   حكومات  أوروبا, فهنا, وهذا الذي سأقولها ليس سراً, إن تلك المعالم تدر في خزائن هذه الدول, كي لا أجازف بالقول متوسط ما يستخرجه العرب من   باطن الأرض من ثروات..

 وكما أوردت عن الفرق الشاسع بالاهتمام مع العلم أن قوس الفارق الزمني بين أوابدنا وأوابدهم لا يقاس بوتر, ما حز بي وأنا أكتب هذه المفارقة, حين   استذكرت رفقتي مع بعض الفنانين السوريين, لتصوير مسلسل "الخربة" في مدينة السويداء السورية وتحديداً في قرية "ذكير" حيث اتخذ قصراً رومانياً   "لوكيشن" يتألف من مائة وغرفة وعلى طبقتين من أحجار البازلت, سقفه منحوت من قوالب بازلتية متداخلة, يكاد لا يتنسم منها الهواء, معرقة بخطوط   منحوتة تمثل رسم رأس رجل, قال لي احدهم: إنها صورة الاسكندر الأكبر. وبعيداً عن أهمية وجود صورته أو عدمها فأن القصر الروماني هذا   استحال  بقدرة شاطر إلى ملاذ لمواشي أهل البلدة لكون "حوشه" يتسع لكل أغنام المنطقة..

 في عدة رحلات متتالية لي, ضمن عدد من البلدان الاوربية, وتحديداً فرنسا وإيطاليا وسويسرا وألمانيا والمجر والتشيك بالإضافة إلى النمسا التي   أقطنها,  وجدت إن معظم معالم هذه الدول واوابدها, والتي يرتادها السياح كل عام بالملايين, قد تم حجبها عن مريديها داخل أقفاص بحجة الصيانة,   ومما لا شك به ان العذر مبرر تماماً, فهذه المعالم تحتاج إلى رعاية مستمرة, لكن ألا ترون بأن هذا الاهتمام الزائد, بدأ يغير من ملامحها الحقيقية,   فحين يتم تحرير إحدى المعالم من قبضة عمال الصيانة, تتبدى للناظر أنواع المواد الجصية أو الاسمنتية وكأنها عيباً أو كمن حاول تكحيل عيون   امرأة  غاوية فأصابها بالعمى..

 لمرتين على التوالي وخلال عام لم يزل برج إيفل محاصر من جهاته الأربع بسور حديدي تجاوز ارتفاعه الثلاثة أمتار, وهو ما زاد طين كومة حديده   حديداً, وهذا الامر ينطبق تماماً على قوس النصر الذي لف بقطعة قماشية من رأسه إلى ادناه, حتى أن صديقة فرنسية همست مازحة: من الجيد أنهم   نقبوه.

 وحينما سألنا عن غاية حجبه بهذا الشكل الملفت، قالوا: إن هذا تحقيقا لحلم فنان بلغاري لديه هوس في تغليف المعالم المشهورة بالاقمشة

 وما ينطبق على أوابد فرنسا ينطبق تماماً على النمسا, حيث أنه ومنذ عدة سنوات والجزء العلوي من كنيسة شتيفان دوم مدثرة بستائر قماشية, وحدها   شركات الاتصالات استفادت منها كواجهات إعلانية, علما أن هذا المعلم المهم في فيينا, يزوره في اليوم الواحد عشرات الالاف من السواح.

 وهذا ما حفز برأسي السؤال, هل شمع أوابد أوربا أصبح آيل للأفول؟!!.

 

 موقع اعلامي عربي/ فيينا. 

 

 



تاريخ النشر ::1/1/2023 5:08:22 AM

أرشيف القسم

صفحاتنا على مواقع السوشيال ميديا