الكرة جامعة
الكرة جامعة
خيار أخير ظل ضياعنا
طلال مرتضى*
مما لا شك فيه أن كلماتي هذه
ستتبدى مثل خنجر مسموم غرس عمداً في خاصرة الذين يرون بأننا لسنا سوى قطيع لا
بوصلة له،
يوجهوننا حسبما ترتئي أهوائهم هم ورغباتهم وكأننا بشر فاقدي الأهلية
الكلية، وأعني بذلك ومن دون مواربة ما يطلق عليهم
مصطلح "الوطنجية"
الذين يدشون في جوف رؤوسنا خطبهم الرنانة عن الانتماء وحب الوطن والهوية مثلما
يرمي لاعب النرد أحجار الحظ،
أليس الوطن هو من يعيش على أرضه المزعومة كل إنسان
بكرامة، أوليست الهوية هي الإرث المادي والمعنوي لهذا الإنسان؟!!..
أين نحن من كل هذا أيها
الطفيليون الذين جعلتم من أوطاننا مراتع للخراب ومزابل ورثتموها لألف ألف جيل
وجيل!.
هذا الكلام ينطبق تماماً على
ركاب عتلة الأديان، الذين يدسون سم القطيعة في سمن إنسانيتنا، تلك هي نتائج
وصاياكم، في البيت الواحد
زرعتم عشرات الفرق، ولم تكتفوا بذلك فحسب، بل فرقتم
المفرق باسم الله البراء..
الله الساكن في علياء أرواحنا
وأدمغتنا وحواسنا، لا يحتاج لوكلاء عنه في أرضه، ولا تحتاج مناداته لحاملي رسائل
يوصلونها إلى سدرة منتهاه،
الله تجلى فينا بالعمل والمحبة..
اعرف تماماً إن تلك الكلمات لن
تشكل فارقاً كبيراً في حواس من يقراها، ولا أحمل أحد وزر ما هو عليه، لأنني أعي أن
كل ما تحدثت
عنه أعلاه، قد زرع في تربته البضة منذ لحظة ولوجه الحياة، علمونا
الكره بدل الحب، علمونا أفكار الحرب قبل أن يحدثونا عن قصص
السلام، أوهمونا بأن
قوة الشر هي التي تفوز دائما، قالوا لنا: حافظوا علة أناكم قبلاً.
في وقت لم نكن نعلم بوجود
الآخر، الآخر أنت، أخي وصديقي وجاري وكل من يتنسم الهواء على أرض الله الواسعة
والتي تتسع للجميع.
ثمة سؤال يدغدغ تلافيف رأسي منذ
مساء الأمس، ألم تروا كم أنتم صغاراً أمام كرة بهيمة لا حواس لها ولا لسان،
استطاعت أن تجمع ما فرقته السياسة وعاث به ركاب الأديان فسادا؟!.
أنا مع أن نتحارب
"بالكرة" نخسر مراراً ونربح مرات، أنا مع أن ننبذ جميعاً كل الأفكار
التي لوثتم بها بياض روح الله فينا،
وأنا مع ان نتبع ملة "الكرة" التي
نتخاصم لأجلها، نصرخ امتعاضاً وقد نصل حد الحنق، لكن وعند انطلاق صافرة النهاية،
نعود لنشرب الشاي معاً.
* كاتب عربي/ فيينا.
تاريخ النشر ::12/11/2022 5:26:02 AM
أرشيف القسم