على متن طائرة فرنسية حلّ الدمار على الشرق الأوسط
على
متن طائرة فرنسية حلّ الدمار على الشرق الأوسط
د.
أميرة عبد العزيز*
عندما
نعود بالذاكرة إلى العام 1979، نجد أن الرحلة التي أقلت آية الله روح الله الخميني
من منفاه في باريس إلى طهران كانت إحدى اللحظات الفارقة في تاريخ الشرق الأوسط.
تلك
الرحلة لم تكن مجرد رحلة عودة رجل دين إلى وطنه، بل كانت بداية لحقبة جديدة من
التوترات والصراعات التي لا تزال تزعزع استقرار المنطقة حتى اليوم
الخلفية
التاريخية
بعد
سنوات من المنفى، كان الخميني يجلس في ضواحي باريس يتابع بقلق التطورات التي تحدث
في إيران. نظام الشاه محمد رضا بهلوي كان يواجه احتجاجات متزايدة من مختلف شرائح
المجتمع الإيراني، بما في ذلك الطلاب ورجال الدين والمثقفين. في النهاية، اضطر
الشاه إلى مغادرة إيران في يناير 1979، بعد أن فقد السيطرة على الوضع الداخلي.
هنا،
دخل الخميني على الخط كرمز للثورة الإسلامية التي وعدت بتغيير النظام الملكي
واستبداله بحكومة إسلامية
الرحلة
التاريخية
في
الأول من فبراير 1979، أقلعت طائرة فرنسية تابعة لشركة *إير فرانس*، تحمل الخميني
وعدداً من مرافقيه، من مطار رواسي شارل ديغول في باريس إلى مطار مهر آباد الدولي
في طهران. كان في استقباله حشود ضخمة من الإيرانيين الذين اعتبروه رمزاً للخلاص من
قمع الشاه ونظامه. لكن ما لم يكن واضحاً آنذاك أن هذه الرحلة ستكون الشرارة التي
ستشعل عقوداً من الصراعات في المنطقة
آثار
الثورة الإسلامية
بعد
عودة الخميني، نجحت الثورة الإسلامية في الاستيلاء على السلطة وتأسيس جمهورية
إسلامية جديدة بقيادة رجال الدين. وبدأت التحولات الجذرية في السياسة الإيرانية،
ليس فقط على المستوى الداخلي، بل أيضاً على المستوى الإقليمي
إيران،
تحت قيادة الخميني، بدأت بتصدير أيديولوجيتها الثورية إلى الدول المجاورة، مما
أثار قلق العديد من الأنظمة في الشرق الأوسط، وخاصة في دول الخليج. الصراع بين الأيديولوجيات
الإسلامية الثورية والقومية العربية، بالإضافة إلى الخلافات السنية-الشيعية، زاد
من تعقيد المشهد السياسي في المنطقة. كما أدت هذه الأحداث إلى اندلاع حروب أهلية
في دول مثل العراق ولبنان، وأثرت بشكل كبير على الاستقرار في دول مثل السعودية
والبحرين
الحرب
العراقية الإيرانية
واحدة
من أكثر النتائج الكارثية لهذه الثورة كانت الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988).
هذه الحرب التي بدأت بسبب الخلافات الإقليمية والأيديولوجية بين العراق بقيادة
صدام حسين وإيران الثورية، أدت إلى مقتل مئات الآلاف من الأشخاص واستنزاف الموارد
الاقتصادية لكلا البلدين. كما أنها كانت واحدة من أطول الحروب في القرن العشرين،
واستمر تأثيرها على السياسة الإقليمية حتى اليوم
النفوذ
الإيراني في المنطقة
منذ
الثورة الإسلامية، أصبحت إيران لاعباً رئيسياً في الشرق الأوسط، ليس فقط من خلال
نفوذها السياسي والعسكري، بل أيضاً من خلال دعمها للميليشيات والجماعات المسلحة في
مختلف الدول العربية. حزب الله في لبنان، الحشد الشعبي في العراق، والحوثيون في
اليمن، جميعهم يحصلون على دعم إيراني مباشر أو غير مباشر. هذا الدور الإيراني في
زعزعة الاستقرار في المنطقة جعل من الصعب تحقيق السلام أو الاستقرار الدائم في
العديد من الدول
خاتمة
يمكن
القول إن الطائرة الفرنسية التي أقلت الخميني إلى طهران كانت بداية لعصر جديد في
الشرق الأوسط؛ عصر حمل معه العديد من الصراعات والدمار. لا يمكن إنكار تأثير تلك
الرحلة على مجريات الأحداث في المنطقة، حيث فتحت الأبواب أمام التحولات الجذرية
التي لا تزال تحدد ملامح الشرق الأوسط حتى اليوم
*أستاذة
جامعية وكاتبة/ باريس.
تاريخ النشر ::10/3/2024 11:47:25 AM
أرشيف القسم