الفنان أوماكو بوافو .. ضيف فيينا
الفنان أوماكو بوافو.. ضيف فيينا
أعمال
الفنان أوماكو بوافو انموذجا
بثينة
عليلة*
يتعجّب
الكثيرون ما الذي يجمع الفنان الإفريقي أوماكو بوافو بالفنانين النمساويين في
القرن ال19 وبداية القرن ال20 كالفنانين:
غوستاف
كليمت وإيغون شيلي وأوسكار كوكوشكا وغريتزل
ما
الذي يجمع الجنوب بالشمال وما الذي يجمع بين القديم والحديث
لو
نعود إلى السيرة الذاتية لكلّ من الفنانين الذين تأثر بهم الفنان الفذّ ذو ال40
سنة فقط لنجد تشابها كثيرا بينه و بينهم.
لديكم
غوستاف كليمت من عائلة تعاني من فقر مدقع وظلّ ممنوعا من الدراسة رغم أنه نابغة
عصره لأنّ أباه حرفيّا فقيرا لا يمتلك قوت يومه ويكافح ليعيل زوجته الفنانة
وأطفاله ال8
ليس
من السّهل أن نرى حياة الفنان إيغون شيلي ابن الطبيب المشهور يخالف أهله ويصرّ على
الفنون الجميلة ويزيد من الطّين بلّة أنّه يتبع خطى معلّمه الكبير كليمت ويجدّد في
رسوماته ويتحرّر في تفكيره إلى حدّ المجاهرة بكلّ ما تحرّمه الكنيسة حرّية
العلاقات وتعدّدها وتقرير المرأة مصيرها لا الرّجل في العائلة أو الموت
غريتزل
يغرز في الراديكالية نعشا لا تعود بعده سمعته الفنية والعقلية إلى الحياة فيكون
أوّل من يخترع السمايلي:
الوجه
الأصفر الذي ينظر ببلاهة وتتغيّر ملامحه حسب الحاجة
كلّهم
رسموا الأشخاص الذين انبهروا بهم وأحبوهم وقدّروا جهودهم في المجتمع وخدمة أفراده
في الحقوق والصناعة والتعليم والفنون! كلّهم رسموا الأشخاص الذين لا يرسمهم فنانوا
ذلك العصر وكلّهم رسموا الأشخاص الذين تعرّضت شعوبهم للإبادة والعنصرية وحروب
الكراهية
كلّهم
كانوا مضطهدين لذلك نجحوا رغم الاضطهاد والتضييق! نجحوا بصبر وإصرار و راديكالية
لا تضاهيها راديكالية في عصر كلّ واحد منهم!
كلّهم
لاقوا نفس محاولات السّحق والمحاربة المادية والنفسية وكلّ واحد منهم ثابر ووصلت
لوحاته إلى المليونية من الدولارات
كلّهم
ماتوا فعليّا لتبقى أعمالهم إلاّ أوماكو بوافو يواصل على خطى النّقد في أعماله
الفنية بإصرار وينجح في ذلك كي لا يموت صيته ولا يدفن في العالم الغربي الذي يحكم
الفنّ كما يحكم السياسة والكرة الأرضية مذكّرا نفسه أنه من أكرا عاصمة غانا من
القارة الإفريقية المعذّبة والمفتكّة حقوقها والمسلوبة خيراتها ومذكّرا العالم أنّ
المستضعفين في الأرض ليسوا ضعفاء وإنّما هم معذّبون ومنفيون تحاربهم كلّ قوى
العالم الاستعمارية بكلّ أسلحتها وأجهزتها حتّى تحكم عليهم بالموت والفناء وتضع
لهم نصبا تذكاريا تتذكّرهم به كلّ الشّعوب التي تتوق للحرّية وتخاف أن تواجه نفس
المصير
لكنّ
الفكرة حرّة وتعانقها كلّ العقول والقلوب وتتأثّر بها النّفس السويّة من الأنفس
البشريّة فتعتنقها وتحملها وتدافع عنها أحبّ من أحبّ وكره من كره. إنها سنّة
الحياة
نحن
فخورون بقصر البيلفيدير بفيينا أننا نقف مع الفكرة وندافع عن الشعوب بما أوتينا من
علم وفنّ حتّى لا تعود أيّام الفاشيّة
يقول
المفكر اليهودي نعوم تشاموسكي اعلم أنّ القوى الاستعمارية لا تنتصر بقوّتها وإنما
تنتصر بانهزام الشّعوب التّي تحتلّها و أنّ الحاكم الذّي يخاف من كلمة في مقال ومن
لوحة في عمل فنّي ومن بيت شعر قد اقتربت نهايته لا محالة.
الفنان
أوماكو بوافو حل ضيفا على متحف بلفيديرا الفيناوي
الصور التقطت بكاميرا الكاتبة
*ناشطة
فنية تونسية نمساوية/ فيينا
تاريخ النشر ::11/23/2024 2:49:19 PM
أرشيف القسم