Mobile : 00436889919948 info@kunstundstadte.com
Follow us:

رئيس التحرير

هل الغياب أسئلة أم جدلية بيزنطية

هل الغياب أسئلة أم جدلية بيزنطية



هل الغياب أسئلة أم جدلية بيزنطية

فيروزيات الصبح

 

طلال مرتضى

حين أكتبك، يعني هذا بأنكِ استحلتِ كل جهاتي، ومنمنمات فيروز الصباحية وهي ترتل: أكتبلك بس هالمرة.. هالمرة وبس هالمرة، قصة جديدة لفتح باب الوصل

 هل تعرفي بأن هذا ليس صحيحا يا مريم، وفيروز بجلال حضورها تواربك الحقيقة، فأنا حتى لو رددت معها، "اكتبلك بس هالمرة" سأقنع نفسي كي اكتبك مرة أخرى، وقد أخنث بوعدي لي واعود لأكتبك "هالمرة وبس هالمرة"

 فسحة الصباح لوحدها لا تكفي لجنون امرأة فادحة، كالتي أكتبها، وفي كل مرة أكتبها أتوب عن كتابتها، ثم أعود عن توبتي بعد أن يحتدم وطيس العناد بيني وبيني، وكان بيني الأقرب إليها هي من تنتصر وفي كل مرة

 مسائي مختلف عن غيره من أوقات النهار، والذي مر على مضض، بالتأكيد له حكاياته الخالبة، تمر ساعاته الاولى بسلام ولكن بعد ارتشاف فنجان القهوة المعهود، تقوم قيامة الاسئلة المباحة منها والممنوعة من الصرف أيضا وعلى دفعة واحدة:

لماذا تركتها تغادر؟

أي قلب هذا الذي ينبض تحت قفص صدرك؟

لماذا لا تعودها لكي تردها؟

كيف لك ان تنام وهي مجانبة؟

كيف تقنع روحك بأن كل شيء على ما يرام؟

اعرف بأنك تركت حبل قارب روحك بيد بنات افكارك الطائشات كي يبحرن بك نحو البعيد _كما فعلتِ أنتِ_ حيث اللاعودة

قولي لي:

كيف أقنع مريدي حبري، بأنني لم اسد بابا في وجهك، بل أنت من ركبت عتلة الغياب بعد ان سدت كل ابواب الوصل خلفك

علميني:

كيف أتحاشى النظرات الشامتة، للواتي كن يسهرا لساعات متأخرة وهن منشغلات في البحث عن تلك المجنونة التي يكتبها هذا المجنون، لعلك لم تدرك كيف كانت صفحتي الزرقاء تتداعى امام قصص النكز والتمحيص

أنا ادرك وكلما نعتك بالطفلة المجنونة كنت تمتلئين غرورا وجمالا وفداحة، في الوقت ذاته كانت تلك الكلمات تصيب مقتل العاذلات، فيشتد همسهن ويتعاضدن معا لأجل سقوطنا

لا أدري كيف أخبرك بأن هذه اللغة لم تعد ندية تحت أصابعي كما كانت وأنت متربعة في أول كل سطر من سطوري، أشعر بأنها صارت جوفاء وكل معانيها خاوية من دهشة التصاوير

النهار كما أسلفت ركب قبل ساعات كما القطارات التي تئم المحطة المجاورة جهة جنونه والليل بات يتثاءب تعبا يرد أن ينال حصته من غيابك، وحدي بقيت ساهرا مناددا لتلك الساعة العجوز التي تلسعني عقاربها عند اكتمال كل دورة

وحدها فناجين القهوة التي تراكمت مع مرور الساعات، احتفظت ببصمتي بعد كل قراءة كل فنجان، في محاولة فاشلة مني لربط خطوط الفناجين ببعضها البعض، علي أتمكن من تشكيل سجادة عبور نحو قبلة عينيك

على سيرة عينيك، وأنا غارق في حبر كتابتك في هذا المساء البهيم، راودتني فكرة لئيمة، لم اتردد بارتكابها وأنا بكامل أهليتي الكتابية، فتحت متصحف تصاويرك وعاينتها كلها، حتى أنني تحسست بعضها بأطراف أصابعي في محاولة للجم هوج السكر الفائر في تفاصيل دمي

السكر جاء كجملة اعتراضية لا مكان لها في هذا النص، وحتى فكرة جلبه عند خط الخاتمة مغامرة قد لا تحمد حلاوتها، لكن من باب أن نور الصبح بدا يتمدد نحو هالات الظلام، فهذا يعني، بأن يوما ثقيلا قد مر ووجب رقنه على أجندة الوقت بحرف اكس

سلطان النوم ترك في هذه الاثناء سدرة عرشه ودلف إلى المطبخ، لعل الجميع باتوا يدركون بأن موعد تعمير دلة القهوة صار فرض عين في الوقت ذاته، يسمح للسيدة فيروز بأن تفتح جدليتنا البيزنطية من جديد:

"تعا ولا تجي.. وضحاك علي

قل لي أنك رح تجي.. ولا تجي

تعا ولا تجي.

 

*كاتب عربي/ فيينا.

 

 



تاريخ النشر ::8/21/2024 2:17:49 PM

أرشيف القسم

صفحاتنا على مواقع السوشيال ميديا