نوافل الكلام
نوافل الكلام..
طلال مرتضى*
منذ الصباح..
ثمة قصيدة تتفلت بين أصابعي، حاولت لجم جماحها ولكنني لم أقوى على أسرها يا مريم..
القصيدة كناية لامرأة بعيدة جانبت عن سابع قصد كل سبل الشعر..
ذهبت بإرادتها نحو سهل الغياب الممتنع..
الغياب هو ما يعتقده الرواة.. خط النظر الممتد بين قلبين حال بينهم بين الحياة، وفي مجازات الحساب هو المساحة الكامنة بين فكي المغناطيس، يمتدان بروح واحدة ولكن قطبيهما لا يلتقيان..
اللقاء اساسا هو فكرة القصيدة..
بعيدا عما إذا كانت منثورة التفاصيل أو موزونة بعناية مشتاق أو مرهفة بقفلة فادحة، كل دوال صورها تومئ نحو نمنمات عطرك..
على فكرة..
استحضار العطر وفي هذا العجالة، أشي بأنه فخ، لم يكن مدرجا في قائمة الحواشي، بل استل كسيف مل النوم في غمده، لا لكي يعدل مزاج اللغة اللغة المتقلب، بل لغاية في روح الشاعر..
عمدا تركه وراء الهامش المنفي لدفتر الحساب، كي يعوده عندما تركب القصيدة درب العناد وتتمنع قبل لحظ الوصول بقبلتين..
ربما يحق للشعراء ما لا يحق لغيرهم، ولكن حكاية تمنع القصيدة بدعة حق يراد بها باطل، العطر في طقس القصيدة وسيلة يتهجئ بها الشاعر مسام حبيبته،
ليس للغاية الشيطانية التي دارت في رؤسكم، بل لأنه يخاف من مغبة الضياع، الشاعر العارف يشكل درب رجوعه بارتكابات العطر، يقيس التفاصيل الناعمة بمكيال الندى.
الندى في هذه العجالة باب آخر، يتركه الشعراء مواربا، حسب قولهم:
كي يتسلل إلى مكامنهم شيطان الغواية.
هذا محض إدعاء, شيطان الشعر أو مليكه كذبة أخترعوها كي نغوى بهم..
الشاعر رجل غيور، قصيدته أنثاه، بنت فكره، يربيها كما يشتهي، يدللها، يغنجها، يجملها في عيون حاسديه كي يصيب مقتلهم، لكنه لا يتركه عرضة لعابري الحلم..
عابروا الحلم استطاعوا جرها من سرير الرهبنة، وأطلقوا سراحها في ديوان مفتوح و محكم ليتلذذوا بحبر أنوثتها على مرأى عينيه.
الدخول إلى عوالم الرواية لم يكن مصادفة يا مريم..
طواعية دلفت مكامنه، لفرط خوفي عليك، خبأت كل قصائدي في مخطوط مطلسم، فقط أعوده عندما تضيق بي دوائر الشوق إليك والوصال..
في الرواية أكتب الغياب حجة والعطر فتنة والتصاوير علامات..
منذ الصباح..
ثمة قصيدة تتفلت بين أصابعي تراودني ضلالة اعتناقها..
لعل أضابعي الظامئة لندى كفيك لم تدرك بأنني تبت عن كتابتك..
لم يعد آذان الهوى يطرب مسمعي:
قام الحب.. قام الحب..
قام أو لم يقم سيان ما دامت اقلام الوصل جفت وصحف النشيد رفعت.
والحبر.. إن شعري لفي قهر.. وصدك ردة.
فيينا 4 أغسطس 2024
*كاتب عربي/ فيينا
تاريخ النشر ::8/4/2024 2:00:36 PM
أرشيف القسم