قطار العطر القادم من شرق الحكاية
قطار العطر القادم من شرق الحكاية
طلال مرتضى*
أمس وأنا أعفر بستان الذاكرة، كان نغم صمتك يدن في رأسي
كحجر نرد متفلت، أنت تعرفين يا مريم بأنني لم أعد قادر على معصية الغياب!
الرجوع إلى حديقة الذكريات فخ محكم، ظل شح التصاوير التي
بقيت عالقة في جب الذاكرة
أية قدرة لي بأن أعود من جديد لترتيب أروقة الأيام
السالفة
أنا ادرك بأن الطريق نحو قبلة عينييك لم تعد معبدة، في
الطريق حواجز وحراس، الحواجز كالممنوع في القصيدة، تابو الرقيب المثقل بأسئلة
النوايا الصفراء
ما الذي تريده؟
لماذا عدت؟
في الأصل كيف فكرت بأن تستطيع العبور نحو ضفة حلمك؟
كل هذه الاسئلة لن تجدي جوابا ناجعا حين تفقدين ظل روحك،
ظل الروح فيء شجرة معمرة لا تكل عن مد خضرتها كي ينعم عابري الحلم بهجعة على درب
وصالهم، لكن أنى لهذه الشجرة أن تستمر في كل هذا العطاء يا مريم وقد هجرتها طيور
الحب
الحب في هذه اللحظة هو استحضار من خارج دائرة الحبكة
التي أود عقدها بكل ممكنات الفتنة، كي أعبر نحو قفلة النهاية، في عرف الحبر يقولون
أنه:
يجوز لي في هذه العجالة أن استعير ما تيسر من الممكنات
كي أكمل دورة قصيدتي هذه، القصيدة وبكل صراحة كذبة بيضاء يا مريم، يفتح الشاعر
أبواب بيوتها على أمل عودة من ينتظر، وفي حالتنا هذه لها معنىً آخر
على سبيل الكلام، أمس وأنا أعفر في بستان الذاكرة وفي
محاولة بائسة، أخذني الطريق نحو مقام ورد قلبك العالي، مجازا كان نغم مفاتيح
الحروف يصدح بتمتمات صمتك، كان طفل الحليب يختبئ بين شغاف الندى ولكنه لم يكف عن
الضجيج، كان يتوسل الفتنة وهو يحن إلى خبز أمه، وقت كانت شاشة الهاتف تشرب من ماء
عيوني وبحرقة لم اعهدها من قبل
الذهاب في بستان الذكريات مغامرة فادحة يا مريم بكل ما
تعنية مفردات اللغة، مغامرة من يقوى على ارتكابها حاله ك حال من يتلو آيات محمود
درويش، أو كي يبدو متمكنا من كل أدواته، في الحقيقة تلك كذبة:
"حط الحمام.. طار الحمام"
"حط الحمام.. طار الحمام"
وكأن اللعبة بعينها لا تنتهي مثل هذا الحريق الذي يستعر
تحت رماد الروح
الحمام لم يحط بعد يا مريم.. لم يزل مشنوقا على سلك
البرق بانتظار وصول موكب عطرك القادم بقطار الشرق.
*كاتب عربي/ فيينا
تاريخ النشر ::8/7/2024 10:50:20 AM
أرشيف القسم