في النص لص تصاوير
في
النص لص تصاوير
طلال
مرتضى*
هذا
الليل طويل وبليد يا مريم، يمشي نحو جهة الصباح بتثاقل، يحاصرني بكل ممكناته،
السكون، العتم، العزلة والبرد، وفي التشبيه الأعم مثل جدار عازل، حتى ان اجتراع
فكرة لفتح ثغرة صغيرة تودي إلى الضوء الكامن في جهته الاخرى، ضرب من جنون
ليل
المغترب بارد، لا حواس له يا مريم وجه سكين ثلم، كيفما تحرك يحز أوتار الروح، على
صمت اراقب عقارب الوقت كيف تحبو بتؤدة وهي تلسع حواسي
الشاعر
البعيد يا مريم عليه ان يعد عدته مبكرا قبل ان تدلف الشمس وراء لا زوردية حلمها، على سبيل الصباح التالي،
يولم فوق كانون وحدته ما تيسر من فناجين القهوة، فنجان واحد لا يكفي لاستحضار نصف
قصيدة
وحدها فناجين القهوة اللاجنة البن، تعدل مزاج القصائد عند اشتداد صمت الليل المكين
أو عند تفلت عواء الريح
حين يتسلل بين هلام العتم فوح الهيل، تنهض شياطين الشعر من غياهبها العميقة، لا
لأجل افتنانها بهوج الهيل فحسب، بل لان يقينها متقد وتعرف عن ظهر قصد نوايا
الشعراء
القصيدة
مجاز يستغله الشاعر لإقامة طقوسه الكهنوتية، اي انه يرتكب معصية الغواية في دوح
النص، ليشكل تفاصيل امرأة بعيدة يحاجج بها عزلته، خيبته، فراغ رأسه، بعدما تركته
بنات افكاره وحيدا يجوب العواصم الباردة كأحدب نوتردام الذي ضيعته قصة عشقه
لازميرالدا هذا قبل أن يلبسوه تهمة إحراق الكنيسة
كل
تلك التفاصيل يا مريم حواشي لهذا النص الفادح، أتوسل بها فكرة طلوع الشمس، لان
محاولاتي مع النوم فشلت كلها، على الرغم من أنني لم أتوانى عن رش كل المغريات في
درب النعاس، في دوح السرير نثرت بعض من ياسمين قلبك، فأيقظ بي كل ذكريات الشام
والتي لم تكن تنفك عني واحدة حتى تدهمني أخرى، ولأن النوم بعين ذاته سلطان، بالسمع
والطاعة ومن صفحتك الزرقاء الفادحة، استعرت صورتك وتركتها له فوق الوسادة، لا
أخفيك سرا يا مريم كادت تلك الفكرة الجهنمية تنجح لولا حضور ذلك المجنون نزار على
غفلة السكون، لينكز بأصبع الكلام تلافيف راسي حين أومئ نحو رسم شفاهك هامسا بكل
حواسي:
شفتاك
مقبرتان شقهما الهوى
في
كل شطر احمر تابوت
الفلقة
العليا زمرد وياقوت
والدفء
في السفلى
فأين
أموت
على
سيرة التابوت، اعتقد ان فنجان قهوة تالي، قد يفتح الباب لتدخل منه فكرة تالية على
هيئة الصورة التي عالقها نزار قبل قليل
*كاتب
عربي/ فيينا
تاريخ النشر ::8/9/2024 1:07:37 AM
أرشيف القسم