سعيد رضواني:رمزية العنوان في رواية " أبراج من ورق "
سعيد رضواني:رمزية العنوان في رواية " أبراج من ورق "
بقلم/منير دايري
" أبراج من ورق " الرواية الاولى في منتوج سعيد رضواني بعد
المجموعة القصصية الأولى " مرايا " و الثانية " قلعة المتاهات".
" أبراج من ورق " حصلت على جائزة اسماء الصديق الإماراتية للرواية الاولى لهذه السنة 2023.
مع كامل التبريكات و أصدق التهاني لسعيد رضواني ، نعتز بك وبنجاحاتك ومزيدا من التألق والعطاء .
لم اقرأ بعد الرواية ، وقد أثارني كثيرا عنوانها بشكل كبير ،لكن ليس غريبا ،لانه عنوان يؤكد المسار السردي "الرضواني " الذي يلح على استفزاز القارئ والدفع به الى التأمل من اجل كشف الدلالة الحقيقية لتوظيفاته المعرفية ان على المستوى اللغوي او على المستوى الدلالي لمضمون الحكي .
فكل من قرأ "مرايا " و" قلعة المتاهات " ،سوف يتأكد له ان المسار السردي يكشف عن طابعه الخاص والاستثنائي في استعمال المتناقضات ،ليس من اجل تاكيد التناقض ، بل من أجل الإستمرارية في تماهي المتضادات لخلق وحدة الرؤية بين عناصر السرد ،سواء كانت لغوية لفظية أو حتى جوهرية على مستوى الموضوع لتعكس مضمونا متكاملا، وبذلك يتجاوز معنى التناقض دلالته المعتادة لينجلي بمستوى مخالف ومختلف ،ينبني على مبدأ التداخل والتماهي ...
المتناقضات في تداول سعيد رضواني تكتسي طابعا متميزا ،يجعلك كقارئ ،تحتار في دلالتها كما كان ذلك جليا في قصصه ( في المجموعتين :مرايا وقلعة المتاهات) :
الحياة / الموت __ الحبر /الرصاص __ المسدس / القلم __ الابن / الاب .....
" أبراج من ورق " قمة انتفاء العلاقة المنطقية بين المتناقضات ،العلاقة في طابعا السلبي القائم على النفي ،باعتبار ان المتناقضات عادة ما تلغي بعضها ،
لكن في السرد " الرضواني " المتناقضات تنضاف لبعضها ،لتخلق التكامل والتفاعل حيث تنكشف الحقيقة بمعنى مغاير ،الحقيقة السردية ،حقيقة الفعل والتفاعل .
" أبراج من ورق " عنوان مثير يجد مكوناته في الواقع ،لكن يجمع بينها بطريقة تتجاوز الواقع وتحفز المخيلة على تركيبة افتراضية ينبلج فيها المنطق التخيلي فتعكس نوعا من التعالي على المعطى الجاهز ..
" أبراج من ورق" عنوان يدخل القارئ في متاهة الكلمة ودلالتها من حيث أنها واقع ، أم مجرد استيهام تخيلي .
الجمع بين الأبراج و الورق هو جمع بين مفهوهمين متضادين : ★ ★★ الأبراج كدلالة على القوة والشدة والصمود وبالتالي رمز للمقاومة والشراسة ...
،★★★ والورق كدلالة على الخفة والليونة والقابلية للطي قد تنساق وراء اية ريح خفيفة ولو لم تكن قوية
الجمع اذن بين المتناقضين يعكس نوعا من التحدي ،يجعل القارئ يتجاوز القراءة في معناها البسيط كمجرد تلقي من أجل الفهم ،الى القراءة التأملية ، قراءة داخل قراءة ،تفرض عليه نوعا من التحدي قد يكون هو نفس التحدي الذي لازم سعيد الرضواني في كتاباته ، تحدي النمطية في الكتابة السردية الى اختلاق أنماط مغايرة ،مبدأها التأمل وإطالة النظر للوقوف على ما وراء المقروء _ ليس بالمعنى الغيبي _ لكن بالمعنى المنطقي ، منطق التآلف و التأليف بين المعطيات السردية لكشف الصورة التي يتقبلها العقل التأملي ،العقل الفلسفي في تجاوزه لمحدودية المعطى المادي الجاهز .
انها فلسفة السرد او السرد الفلسفي ،كما يريده سعيد رضواني ،وكما تتدخل فيه مخيلته المنفتحة والمتعالية ( التعالي هنا بالمعنى الفكري وليس بالمعنى المادي كما يدركه الواقع الاجتماعي ) .....
ولنا لقاء متجدد بعد قراءة الرواية " أبراج من ورق " .
تاريخ النشر ::4/13/2025 9:37:53 AM
أرشيف القسم