Mobile : 00436889919948 info@kunstundstadte.com
Follow us:

بوابة دمشق

شرفات الكلام

شرفات الكلام



شرفات الكلام

صورة تذكارية!


أحمد علي هلال*

 يجتمع سياسيون وزعماء وقادة عالميون لدول كبرى، لأخذ صورة تذكارية جماعية، اثر انجاز ما جوهره السلام، لينام العالم ويصحو على أحلام سعيدة،
ولا ضير من أن تكون الصورة حميمية بما يكفي "لشعرنة" الواقع في غير مكان وبما يُقصي اعتقاداً آثِماً ورد ذات مرّة في أحد القواميس الفريدة، يقول:
"إن السلام فترة خداع بين حربين"، ووفقاً –لذلك القاموس-يصبح "العنيد هو الحازم في أمر لا نحبّه، ويصبح الحازم هو العنيد في أمر نحبه"،
ولتذهب كل التعريفات الكلاسيكية إلى الجحيم، إذ لا حرب تهدد العالم، ولا ألعاب كونية ترسم أقدارها، ما خلا الرياضة، كما وصفها شاعر حالم بأنها "أشرف الحروب"،
فلا دماء تسفك هنا، أو هناك، ولا فكراً متخثّراً في مقلع حجارة يطبخ عنفاً رعافاً، والضحك في الصورة التذكارية -إياها- سيستدعي ربما مواسم الخصب للأرض،
وإذا نقصت الشمس شبراً على بقعةٍ نائية، فسوف تكمل الضحكة شمسها هناك، ففضيلة الضحك، هي حتى تطلع الصورة أحلى، على حدّ مقولة فيلم عربي،
ولكن هل تجمّل الواقع، أم تكون كالكذب الجميل، -وبصرف النظر- عن محاججة ما يمكن تسميته هنا بتطبيع لغوي بين الكذب والجمال، سيرنو الناظر للصورة
التذكارية العتيدة، لما يعقبها من واقع ينبغي لها تجاوزه حتى لا تكون –الصورة- على سبيل الذكرى ومن ثم النسيان، ويصبح "الواقع" هو الصورة الثابتة!

واستحقاق صورة بعينها، هو لحظة الحياة المنتظرة، وليست مجرد ضوء وظل ومجرد حيوات تمرّ "بحياد ايجابي" من أمام تاريخ العالم الدرامي،
فيما يرسم الشعر صورة مفارقة، وفارقة بآن معاً، وكيف إذا كانت لأحد الشعراء-الشهداء من أمثال الغواتيمالي "أتورينيه كاستيو" الذي عذّب وبترت أطرافه وحرق حيّاً دون
 أن يشي برفاقه، حينما أنشد:
"عندما سيجري كشف حساب عصرنا، على يد أولئك الذين لم يولدوا بعد، لكنهم يحملون البشارة في وجوههم الطيبة فسنخرج رابحين، نحن الذين قاسينا آلام
هذا العصر أكبر من آلامه، لئن سَبْق المرء لعصر، يعني تحمل قسط أكبر من آلامه، إنما رائع حب الدنيا بعيون أولئك الذين لم يوُلدوا بعد".

ما يجاوز -الصورة- إذن، هو التوق للمستقبل الذي يأخذ فائضها، ليكون الواقع "بلا ضفاف" ودلالتها الهندسية لا تعني اختزال أضلاعها،
أو تضييق حوافها، بل انفتاح أضلاعها تفاعلاً جدلياً بين مكوناتها وما تقوله لرائيها، هل هي السلام فقط، أم أن أفكاراً إضافية ستشارك
في تركيبها الحواس؟!


*ناقد وإعلامي فلسطيني/ دمشق

تاريخ النشر ::1/13/2024 3:53:26 PM

أرشيف القسم

صفحاتنا على مواقع السوشيال ميديا