هل طعن ظهر الغياب جريمة!!
هل طعن ظهر الغياب جريمة!!
طلال مرتضى*
ثمة أسئلة فادحة لا تنفك عن نكز ذاكرتي المتخمة بقصص
غيابك، تحاول فتح فرجار الكلام على أوسع مصاريعه، كيف لك وأنت تعيش دوامة الفقد أن
تخرج إلى العلن لتكتب امرأة بعيد، ركبت جهة جنونها وغادرت على وداع!
هل أغضبتها، هل كسرت قيثارة لحنها الساكب كي تحز رباب
روحك بألحان الشوق والحريق؟
أمتأكد من أنك لم تهز جدع نخيلها العامر بقصيدة سافرة لامرأة
أخرى!
لماذا تكذب على مريديك؟
جل من يقرأ انتظارك على أحر من الشعر بانكشاف تام، وكل
دوال الكلام الذي تتوارى وراء سدرة منتاه، ضرب من هباء، ولعلها الجملة الصادقة
والوحيد التي كتبتها في نداء سابق هي الأكثر توصيفا لما أنت به، حين قلت لها:
عاريا إلا من ظلك أجوب عواصم البرد، لا اردية أتدثر بها غير نثارات
ذكراك التي لم تزل مشنوقة على مشجب لهفتي، أتوسد في المنام تفاصيل صورتك، نقطة،
نقطة كي أجلو من رأسي طوفان الكوابيس.
في الآونة الأخير بت أحفظ عن ظهر وقت مواعيد القطارات
التي تئم المحطة المجاورة، وقبل أن يتهادى لمسمعي بوق حضورها، أجر روحي نحو رصيفها المثقل
بدموع الوداعات وتهاليل فرح الوصول.
ليتك تدركين يا مريم عدد المرات التي تكسرت بها أقواس
قلبي، حين أرقب وعن كثب تلويحة يد لامرأة جرت بتثاقل حقيبة قلبها وذابت بعد مسير القطار
وراء زجاج النافذة، حين كانت تنزل يدها المرفوعة والمكتظة بأمنيات اللقاء من جديد، كأني
بها تسدل ستارة سوداء على أفدح اللحظات التي ارتكبتها قبل أن يأخذها قطار الوقت
إلى البعيد.
تساءلت كثيرا يا مريم لما عدد المغادرين أكثر من
القادمين، لكن لا جواب، اللا جواب هو الفاصلة المنقوطة في قصة غيابك وفكرة لوعتي.
كثيرا ما كانت تتبادر في ذهني قصة الغياب هذه، ولأنها
حال واقع، حاولت مرارا الالتفاف وراء أسوارها العالية، علني أجد ثغرة ضوء بسيطة، أعبر من خلالها
بحثا عن خلاص يسد نهم الأسئلة التي تمخر بعباب رأسي ، لم أنجح لمرة، ومع كل هذا كانت كل محاولاتي تبوء
بالأمل، أمل اللقاء.
الغياب في شرع العاشقين يا مريم ردة، الغياب لا دين له، فكرة
كبيرة لا يمكن لعاشق استيعاب لعبتها،، مع أنه يعيشها مجبرا بكل وجعها ودهشتها في آن واحد.
والحبر لو ان الغياب "رجل لقتلته" يا مريم.
بما أن الغياب ردة، ماذا لو طعنت وإياك ظهره والتقينا!
هل طعن ظهر جريمة؟
*كاتب عربي/ فيينا.
تاريخ النشر ::8/11/2024 2:39:52 PM
أرشيف القسم