الوضع الداكن

"محمود حامد" الفلسطيني.. ينتظر عروجاً تالياً من "دمشق" إلى "بيسانه"!!..

الشاعر محمود حامد

 

"محمود حامد" الفلسطيني.. ينتظر عروجاً تالياً من "دمشق" إلى "بيسانه"!!..

 

* درويش استلافاته كثيرة وكان يستفيض من بريد القراء.

* "سلاما ٱيّها العابرون".. (لي), "وفي حضرة الغياب".. (لي).

* الشعر هو الرّاوي الأساسي لمجريات الأحداث في تاريخنا ومنطقتنا عبر الدّهر.

 

 

حاوره: طلال مرتضى*

 

أقسم بــ"الريح والزيتون" بأن "مسافة وردة لا تكفي" للوصول إلى "بيسان", لم يسأل "لمن تغني البلابل", كان يصغي بكل حواسه لــ"أغاني عصافير السياج" ثم يردد "شهقة الأرجوان" كلازمة لنشيد "أغاني على شفاه الصنوبر"..
حين سألته قاصداً عن حكاية "أفتتاحيات الدم الفلسطيني" ضحك ملء غبنه وهو يستعيد بي "طفولة المجد", تركته وقت ذاك ليكمل رسم الـ"موت على ضفاف المطر"..
محمود حامد.. عندما استفزه لحن الكلام, قال لي: تعقل يا ولدي لسنا الا "عابرون في الدمعة الأخيرة".

 

* محمود حامد.. منذ "٥٠" راحلة وأنت تعب بحور الشعر، طويلها وقصيرها!!..
السؤال إلى أي مدى وصل العناد "بمعشوقتك" التي ضلت درب عروجها، أما آن لها أن تلتفت ولو بنصف لثغة لتروي ضمأ روحك الغارقة بنشيدها؟!.

_ ...قصة الشعر، فوق هذا المدى المختلف، تماماً هو كهذا المدى المختلف.. كينونة هذه الأرض، شكّلت بقرار سماوي...، ٱن تكون خير ٱرض.. لخير ٱمّة ٱخرجت للناس, من هنا، ومن هذا كلّه، فإنّ قيمة الفعل الإبداعيّ.. من قيمة الأرض الأرض الّتي استنبتته من رحمها المجبول بدم الأجيال، ومغاتيها التي تسرد حكاية التاريخ...، منذ فحره الأوّل وإلى ما لا نهاية.. إنّ الوحي الذي كان للأنبياء..، كان
الإيحاء رديفه للشّعراء.. والمفردتان من مصدر واحد هو الفعل ٱوحى..
ٱمّا قصّتي مع الشّعر.. فتلك قصّة طويلة وشاقّة ورائعة..، عشت ٱنت بعض فصولها وسنٱتي على مجملها.. تباعا.

عاش الهاجس الفلسطينيّ, منذ بدء الحكاية في الوجدان العربيّ، كما هو قائم بضرواته في وجدان الأجيال الفلسطينيّة تباعاً.. حدث في التاريخ مختلف، وهبّة شعريّة مختلفة ومغايرة ونضالات.. دفعت الكثير من الدّم والشهداء لتعلو راية الخلاص والحريّة فوق تراب هذه الكينونة التي تحمل خصوصيتها. وتفرّدها في تاريخ الوجود.. باستمراريته الأزلية.

ولمّا كان الشعر هو الرّاوي الأساسي لمجريات الأحداث في تاريخنا ومنطقتنا عبر الدّهر، لذا، فقد كان صوت الأمّة والأجيال وتاريخ الحياة.. في رقعة الوجود هذه منذ بدء الخليقة ولأبد الحياة.

إنّ حكاية الشّعر.. تماماً كحكاية الخيمة العربية الأصيلة والتي عاشت ضراوة
الصّحراء، تتحدى مجهولاتها الخفية ورياحها العاتية.. لتطوعها لصالح مغاني الخيام وسمر ليالي المواقد والمهباح لينتج من ضراوة.
ما كان ذاك الشّعر العرييّ الخالد.. كشف ٱنّ قدرة إنسان العروبة ومجريات صموده
/المعجز/ صنعاً في الوجود.. ما لم تصنعه قوة ٱخرى في تاريخ البشريّة.. ذاك إعجازنا العظيم.

 

* لست بحاجة لمن يعرف بك، رصيدك صار رقماً من الصعب تجاوزه..
ما وددت قوله هنا ان الاعلام لعب دوراً فاعلاً في تلميع ممن ركبوا عتلة المحابة الشعرية للسلاطين وهذا ما غيب الكثير من الفرسان, لنقل ان درويش وسميح انموذجاً!.

_ في موضوعة الحركة الشعرية/ المعاصرة، فبعد الثلاثينات وبداية الأربعينات، كانت القصيدة تنحو منحى البيت ومنها ما صار رمزاً يغنى /عبد الرحيم محمود:

"سٱحمل روحي على راحتي

وٱلقي بها في مهاوي الرّدى/

فإمّا حياة تسرّ الصّديق

وإمّا ممات يغيظ العدا/..

فترة الأربعينات وحتى الخمسينات كانت البداية مع عمر ٱبي ريشة، إبراهيم طوقان، فدوى طوقان، سليمان العيسى، ثم لاحقاً محمد الڤيتوري، عبد المعطي حجازي، هارون هاشم رشيد، علي هاشم رشيد، يوسف الخطيب، بدر شاكر السيّاب وآخرون كثيرون، لعل فترة الستينات هي الأهم في تاريخ الحركة الشعرية المعاصرة، بعدما قامت نازك الملائكة بقفزة الحركة الشعرية المعاصرة وعرفت عنها بقصيدة التفعيلة..
تلك الفترة كانت ٱخصب فترة شعرية معاصرة, شهدت مولد الأسماء الأهمّ في تاريخ الشّعر المقاوم والمعاصر. لنقل إنّها الفترة /الطّفرة/ المهمة، بٱسماء هم ثبّتوا الشعر على ٱهم مغناه الرّاهن..
كمال ناصر، ممدوح عدوان، علي الجندي، محمد عمران، فوّاز عيد، صالح هواري، محمود حامد و...شعراء حلب محمود علي السعيد، يوسف طافش وعصام ترشحاني وآخرون جاؤوا بعد، إنما بداية الستينات كانت مع هذه الثلة المؤسسة والداعمة لتطور الحركة الشعرية الراهنة، في نهاية الستينات كشف يوسف الخطيب في عمله
الموسوعي الوحيد لليوم /ديوان الوطن المحتل/ عن داره/ دار فلسطين/ وكنت معه
غالبا, كشف ٱسماء شعراء الداخل، توفيق زيّاد، سميح القاسم، محمود درويش،  وراشد حسين، كان شعراء سورية وفلسطين في هذه الفترة هم الجيل الأهم في تاريخ الحركة الشعرية المعاصرة، ثمّ انضم شعراء فلسطين في الداخل لكوكبة شعراء العروبة..
الدعامة الأهم والأخطر في تاريخ الشعر العربي الحديث. الأسماء المهمة والأعلى قيمة شعرا وإبداعا غيّبت لأنّها قدر الشعر، المقاوم الحقيقي والصّوت الإنساني بمغناه الأعلى ولأنها ٱصوات حرّة، صافية ونقيّة وملتزمة بقضايا ٱمتها وٱوطانها.
كما قلت اعلاه.. إنّه الضجيج الإعلامي/ الإعلاني / المفجع وتبادل المصالح وتزوير الثوابت وتحويلها إلى منهجيات /تزييف الحقائق/ من ٱجل /تطبيق/ الواقع المزيف / على الواقع المشؤوم والمنحرف كلّيا عن أهداف الشعوب وتطلعاتها
المصيرية/ صاحب / ريتا والبندقية/ ولسان  حال ٱؤلئك /الصوت / الأوحد والمفرد وبضعة مثله معه /في قائمة الأولويّة المطلقة/ لتاريخنا الشعريّ المعاصر وشعراؤنا الحقيقيون /في ملفّ/ الهوامش الغائبة / لأنّنا نحن نحب بجنون تزييف الأشياء وقلب الحقائق إلى حرائق تلتهم كلّ جميل وتحويله إلى /مشوّهات فاجرة؟؟.

فواز عيد، صالح هوّاري، محمود علي السّعيد، سميح القاسم، راشد حسين، توفيق زيّاد، يدرك الإعلام/الإعلان الباغي من هم؟ ويدرك، كذلك، من ٱؤلئك الّذين بثّهم قدرا في دوائر الإستهلاك.. لينصّبهم قدر الأمة.. وهم المسافة الغائبة في وجدان المواطن العربي الحقيقي؟؟.

 

* في عدة حوارات سالفة تطرقت إلى ان محمود درويش "أخذ" من بعض قصائدك عناوين أو فكرة ما وجعل منها قصيدة له, هل تمر بنا إلى هذا؟.
وهل يمكنني معرفة شيء عن العلاقة بين درويش وفواز عيد, بحكم أنك مقرب منهما.. الذي صرح ذات مرة _أي درويش_ بأن الاخير معلمه أو استاذه؟؟.

 

_  فواز عيد هو البدايات لدرويش وغير فواز، درويش حسب كلامه لعدة وسائل إعلام كان يلقي ما في جعبته على ٱنّه ثرثرات عابرة.. لن تؤثّر على ما سيثبّت من ٱقواله الأخرى ولكن السامع والقارئ العربيّ, جيّد الملاحظة ويلتقطها من الملامح، قبل ٱن تلقيها الأفواه, لتصبح ملكا للقرّاء..
درويش كان يصرّح دائما بٱنّه يستفيظ حتّى من بريد القرّاء، ثمّ يجيّر ما يراه مناسباً بطريقته لصالح عمله الشعريّ ولقد استفاد من التوراة والكتب الغائبة عن ذاكرة القراء والبعيدة عن التناول والتداول في الذهاب إليها، لعبة ذكية/ ومهمّة..
وأما بالنسبة لي فأنه أخذ بعض العناوين "ومنها" /سلاما ٱيّها العابرون../ لي / الجزائر /٦٩م / وعابرون في كلام عابر له...، /وفي حضرة الغياب / لي منشورة في المعرفة السورية/ في التسعينات واستلف العنوان وصاروا يعتبرونه له وقد نشر عمله بعد الألفين؟.
وهكذا استلافاته الكثيرة من الآخرين/ صدرت في كتاب/ نشر بعمان لكاتب لا ٱذكر اسمه الآن. ولكن كثير من الأدباء العرب اطلعوا آنها على ذلك؟.

 

  • أمراً ما يشغلني, وددت سؤالك عنه, هل مازلت تحتفظ بـــ "الاسطوانة" التي وقعتها بـــ اسمك السيدة "أم كلثوم" ذات لقاء, وما الحكاية؟.

 

_ كان اللقاء مع ٱم كلثوم/ افتراضية النصف ساعة، لكوني صحفي وقادم من خارج مصر، علمت (هي) من الزميل الذي رتّب اللقاء معها _وكان يعمل معي في
السعودية_ ٱنني من فلسطين وسورية هي حضننا الثاني وٱني شاعر...
وقفت عند كلمة / شاعر/ وهذا ماعلمته فيما بعد وقالت للزميل محمد، وكان مدير المراسم في محافظة القاهرة ويعمل معي مدرساً في الرياض، طلبت منه كم بيت من قصيدة وكانت قصيدة /طائر الشوق/ والتي جعلت من اللقاء تتناوبه ثلاثة ٱيّام لقاءات عمل بيني وبينها وٱحمد رامي..، ملهمها الروحي والذي كتب بحاشية القصيدة: ٱجمل سكّر تذوقّته شفتاي في حياتي... بعد هذا العمر واطلاعي على المبدع الشعري كافة:

طائر الشّوق.

 

حلمت بك الأيّام قبل المولد
يا طائر الشّوق المسافر.. في غدي..

عمري تفتّح في صباك حدائقا

والعطر فاح.. غداة نمت على يدي..

وصباي كالنيل اشتياقا للهوى

عاش الحياة وليس غيرك يفتدي..

حملتك ٱنسام الصّباح مغرّدا..،

وشذاك في الأسحار... سحر مغرّد..

يا مفردا في الشّدو.. كيف قتلتني

بٱنين بوحك... وامتلكت تودّدي..

حتّى كٱنّك... حين كنت تذيبني

شوقا... ٱذوب على صداك الأوحد..

يا موجعي بشذا رحيقك كيف بي

ٱشعلتني.. وٱثرت فيّ تمرّدي..

هذا ٱنا ملك الفؤاد، فردّ لي

حلو الذي قد كان رعشة موعد..

بيني وبينك ما تراءى جمرة

هزّت قلوب الخاشعين..، الزهّد

عد يا حبيبي... إنّ عمري ليلة،

كنت الهدى فيها.. وكنت المهتدي.

لقاء ٱم كلثوم وٱحمد رامي كان حلقة تاريخية من ودّ تكنّه مصر للشام وفلسطين تحديداً.. كان المفترض ٱن يتم العمل بيننا على قصيدة "طائر الشوق، لكن ٱم كلثوم كانت تعيش يومها الفترة الأقصى في حياتها..
وكلمة لا ٱنساها ٱبداً: احتفظ يا محمود بالقصيدة ذكررى بيننا. مع رول كامل عن شبابها فيه القرآن الكريم وٱغانيها وطقطوقاتها القديمة.

 

* دمشق والقدس.. تلك الحسناوين لم ينفك محمود حامد عن مغازلتهن ويفتديهن, كما افتدى الحسين زينب الأولى, سأتوقف هنا لتكمل أنت!!..

_ فلسطين والشام شغلا بال الدنيا ومحيطنا العربي/ كل شيء كان هادراً ببركانه حتى زينب الفلسطينية وهي تصدح بي في طهران...،

"كم كان حلماً..،

ٱن ٱضمك يا ٱبي،

في العيد، ٱخطف قبلة

ٱحلى من الريحان..، منك،

وٱنت تخطف قبلتين

ٱن ٱحتويك بساعدين

يتمايلان كوردتين على الضفاف

كم كان حلماً،

ٱن ٱجابه باسمك الدّتيا..،

وٱمشي خلف نعلك.. لا ٱخاف

لكنّهم...،

خطفوك منّي يا ٱبي..،

قتلوا طيور الحلم في صدري،

وردّوني إليك... بلا يدين

لم يدركوا...،

ٱنّي حفظتك يا ٱبي

في المقلتين...

قدرا...، وٱنّي زينب الأخرى تجيء..،

وٱنت تبعث في الحسين.

في موضوعة الكشف عن اسماء المبدعين الحقيقيين, عبر ساحة تنكر قيمة مبدعيها
فمنذ خمسة عشر عاماً وٱنا ٱشتغل عملي الموسوعي الضخم والذي سيصدر في
مجلدين/ شعراء فلسطين.. ذاكرة الشعر.. ذاكرة الوطن سيدي جاهز حوالي ""75 شاعر،  ثم الشعراء العرب..
أقول: من الرجال الرائعين من يضع جملة/ خبز وملح الرجال.. رجاله يحفظونه، وعند "خيمة طلال مرتضى" كان الخبز وشاي الموقد العربي الأصيل هو خبز وملح الحياة بيننا، تحية من الأعماق لصحيفة "البناء" اللبنانية, ولك أيضاً, وللكلمة الحرة والتي تدق بقوة في وجدان الزمن ليبقى صداها قائما في الأجيال بقوة تٱثيرها.

* مجموعاتي الشعرية ١٣ مجموعة ، منها ٣ للأطفال:

_ موت على ضفاف المطر. _ ٱغاني على شفاه الصنوبر. _ افتتاحيات الدّم الفلسطيني. _ شهقة الأرجوان. _ مسافة وردة تكفي. _ الريح والزيتون. _ بيسان.
_ عابرون في الدمعة الأخيرة. _ لمن تغني البلابل. _ طفولة المجد. _ ٱغاني عصافير السّياج.
وبالمناسبة.. كافة إصداراتي عن اتحاد الكتاب العرب ووزارة الثقافة السورية, قدمت لي الفضائيات العربية ٱوبريت / إليك ٱعود / عام ٢٠٠٧ م. هذا جزء من مسيرة حياة/ لواحد من الذين حاولوا ترك بصمة لدى قرائه والحمد لله ٱن البصمة جاءت بروعة اللونين الأحمر والأخضر.

 

*كاتب عربي/ فيينا.

 

 

 


الكلمات المفتاحية