الوطن يحتاج للجميع!!
د. تمام كيلاني
الوطن يحتاج للجميع!!
د. تمام كيلاني*
بعد عقودٍ طويلة من الاستبداد والدكتاتورية، وبعد سنواتٍ قاسية حملت ما حملت من حربٍ وتهجيرٍ وخراب، يقف السوريون اليوم أمام لحظةٍ فارقة من تاريخهم. لم يعد أمامنا ترف الانتظار أو التفرج، فالوطن الجريح ينادي أبناءه جميعاً: في الداخل والخارج، في المهن البسيطة والاختصاصات الرفيعة، ليشارك كلٌّ بما يستطيع.
السوريون في الخارج: جسور المعرفة والخبرة
من غادر الوطن لم ينقطع عنه، بل بقي يحمل أمانته في قلبه.
-الأطباء يستطيعون تقديم المشورة الطبية، وتنظيم المحاضرات الحديثة، وعند زيارتهم للوطن يمكن أن يتعاونوا مع زملائهم في إجراء العمليات الجراحية المتقدمة ونقل خبراتهم.
-المهندسون والاقتصاديون ورجال الأعمال قادرون على دعم مشاريع إعادة الإعمار، وفتح قنوات استثمار، وتقديم خبرات عملية ترفع من مستوى الإنتاج والعمل.
-المثقفون والأكاديميون والفنانون بدورهم يحملون رسالة نشر العلم والثقافة والفن الهادف، كي لا تبقى سوريا معزولة عن العالم.
السوريون في الداخل: صمود وبناء
أما من بقي في الداخل فقد تحمّل العبء الأكبر، لكنه يملك الدور الأهم في البناء.
-العامل في مصنعه، والمزارع في أرضه، والحرفي في ورشته، جميعهم يمدون الوطن بشريان الحياة.
-الأستاذ والمعلم في جميع المراحل التعليمية هم حجر الأساس، فهم من يزرعون الوعي ويضيئون عقول الأجيال. والتعليم لا بد أن يمتد ليشمل محو الأمية، لأن أمة يجهل أبناؤها القراءة والكتابة لا يمكن أن تنهض.
-ولا بد من التركيز على تعليم المرأة، فهي الأم والمربية وصانعة الأجيال، وإن كانت متعلمة وواعية فإن أثرها يمتد إلى كل بيت وكل حي.
-دور رجل الدين: صوت الفضيلة
في هذه المرحلة الحساسة، يكتسب رجل الدين، مسلماً كان أو مسيحياً، دوراً عظيماً. فالمسجد والكنيسة ليسا ساحتي صراع، بل منارتين للأخلاق والقيم. رجل الدين مدعو لأن يكون صوت الحكمة، يغرس الفضيلة، ويرشد الناس إلى الخير، ويذكّرهم بالرحمة والصدق والتسامح.
الثقافة والفكر: وعي متجدد
الكاتب بقلمه ينشر مقالات بنّاءة، والروائي والشاعر والفنان يبدعون أعمالاً هادفة تعكس معاناة السوريين وآمالهم. بهذه الثقافة نصنع وعياً جديداً يقاوم الجهل والتطرف، ويعيد للإنسان قيمته.
نحو سوريا جديدة
إنّ سوريا الجديدة لن تُبنى بشعارات ولا بانتظار معجزات، بل تُبنى بالفعل اليومي، بالتعليم، بالعمل، بالصبر والمثابرة. الوطن ليس ملكاً لحزب أو طائفة أو زعيم، بل هو ملك الجميع.
الوطن محتاج للجميع: إلى الطبيب والمهندس، إلى المعلم والكاتب، إلى رجل الدين والفنان، إلى المرأة والرجل، إلى المقيم في الداخل والمغترب في الخارج. كلهم لبنات في بناء واحد، وكلهم مدعوون ليشاركوا في ولادة سوريا الحرة، سوريا التي نستحقها.