على قدر أهل العزم تأتي العزائم

على قدر أهل العزم تأتي العزائم
د. تمام كيلاني

على قدر أهل العزم تأتي العزائم

د. تمام كيلاني

انطلاقًا من إيمانٍ راسخ بأن العمل المؤسسي الجاد هو الركيزة الأساسية للنهوض بالإنسان والمجتمع، واستنادًا إلى مبدأ المسؤولية المهنية والإنسانية، يأتي هذا العرض الموجز لجهود وإنجازات اتحاد الأطباء والصيادلة العرب في النمسا، وذلك عقب الانتهاء من إعداد التقرير السنوي لأعماله، وما تضمنه من محطات بارزة تعكس مسيرة حافلة امتدت لأكثر من عشرين عامًا من العطاء المتواصل.

لقد شكّل العام المنصرم مرحلة مفصلية في عمل الاتحاد، حيث تم تنفيذ سلسلة من المشاريع الحيوية داخل سوريا، كان في مقدمتها إعادة ترميم خمس مستوصفات طبية كانت متضررة ومتوقفة عن الخدمة، الأمر الذي أسهم في إعادة تفعيل دورها الصحي والإنساني، وتوفير الرعاية الطبية الأساسية لآلاف المواطنين. كما تم إنجاز ترميم مدرسة، تأكيدًا على قناعة الاتحاد بأن دعم قطاع التعليم لا يقل أهمية عن دعم القطاع الصحي، وأن الاستثمار في الإنسان هو الأساس الحقيقي لإعادة البناء.

وفي الإطار العلمي والأكاديمي، شهدت سوريا انعقاد المؤتمر الطبي الأوروبي التعريبي الأول، والذي مثّل حدثًا علميًا غير مسبوق، وحقق نجاحًا واسعًا على المستويين التنظيمي والعلمي، ليُعد أكبر مؤتمر طبي يُعقد في سوريا من حيث حجم المشاركة، وتنوّع الاختصاصات، ومستوى المحتوى العلمي. وقد أسهم المؤتمر في تعزيز التواصل بين الكفاءات الطبية، وترسيخ مفهوم التعريب الطبي، وفتح آفاق جديدة للتعاون العلمي والتطوير المهني.

ولم تتوقف الجهود عند حدود المؤتمر، بل تلت ذلك ورشات عمل تخصصية أُقيمت في سوريا، هدفت إلى ترجمة مخرجات المؤتمر إلى تطبيقات عملية، ورفع كفاءة الكوادر الطبية، وتعزيز المهارات السريرية والعلمية بما ينسجم مع الاحتياجات الفعلية على أرض الواقع.

أما على صعيد العمل التعليمي والتدريبي في النمسا، فقد واصل الاتحاد أداء دوره بوصفه حاضنة تعليمية للأطباء والصيادلة، من خلال تنظيم كورسات تعليمية ومحاضرات علمية متخصصة، استهدفت تطوير المهارات المهنية، ومواكبة المستجدات الطبية، ودعم الأطباء في مسيرتهم العلمية والعملية، بما يعزز جودة الأداء الطبي داخل وخارج أوروبا.

وبالتوازي مع ذلك، لم يغفل الاتحاد عن رسالته الاجتماعية والإنسانية، حيث شكّلت الأعمال الإغاثية والاجتماعية محورًا أساسيًا في مسيرته التي تجاوزت العقدين من الزمن، قدّم خلالها الدعم والمساعدة للمحتاجين والمتضررين في سوريا والبلاد العربية، عبر مبادرات إغاثية مستمرة، استجابت للاحتياجات الصحية والمعيشية في أصعب الظروف، وبما يجسّد القيم الإنسانية السامية التي تأسس عليها الاتحاد.

إن هذه الإنجازات، على تنوعها واتساعها، لم تكن لتتحقق لولا تضافر الجهود، والعمل بروح الفريق، والالتزام الصادق برسالة الطب كخدمة إنسانية قبل أن تكون مهنة. وهي تؤكد أن العزم، حين يقترن بالرؤية والعمل المؤسسي، يُثمر إنجازات تليق بحجم المسؤولية.

وختامًا، فإن ما تحقق حتى اليوم ليس إلا محطة في مسار مستمر، يسعى فيه اتحاد الأطباء والصيادلة العرب في النمسا إلى توسيع أثره، وتعميق دوره، والاستمرار في خدمة الإنسان أينما كان، إيمانًا بأن العزم الصادق هو السبيل لصناعة الأثر، وأن العمل المخلص هو الطريق الأجدر بترك بصمة دائمة.

 

*رئيس اتحاد الاطباء والصيادلة العرب بالنمسا


تعليق / الرد من

إقرأ أيضًا

الثقافة والأدب

الله – الأنا – الآخر: ترتيب الأولويات ومسار الحرية الداخلية

الله – الأنا – الآخر: ترتيب الأولويات ومسار الحرية الداخلية
الثقافة والأدب

دع الأيام تفعل ما تشاء.. وطِب نفسًا إذا حكم القضاء

دع الأيام تفعل ما تشاء.. وطِب نفسًا إذا حكم القضاء
الثقافة والأدب

للنجاح قصة – رؤية أكاديمية في مسيرة الطبيب بين المهنة والعمل الإغاثي

للنجاح قصة – رؤية أكاديمية في مسيرة الطبيب بين المهنة والعمل الإغاثي


الاكثر شهرة

تابعونا


جارٍ التحميل...