تقرير مفصل عن مرحلة حافظ الأسد (1970–2000)

د. تمام كيلاني رئيس اتحاد الاطباء والصيادلة العرب بالنمسا
تقرير مفصل عن مرحلة حافظ الأسد (1970–2000)
د. تمام كيلاني*
- الخلفية والصعود إلى الحكم
الحركة التصحيحية (16 تشرين الثاني/نوفمبر 1970)
كانت بمثابة انقلاب أبيض قاده حافظ الأسد حين كان وزيرًا للدفاع ضد رفاقه في قيادة حزب البعث، وخاصة الرئيس نور الدين الأتاسي ورئيس الحكومة صلاح جديد.
جاءت بعد سلسلة من الخلافات داخل الحزب، وخاصة بعد هزيمة 1967، حيث ساد انقسام حاد بين التيار العسكري والتيار المدني.
عقب “الحركة التصحيحية”، تولّى الأسد منصب رئيس الوزراء ثم رشّح نفسه لرئاسة الجمهورية عام 1971 في استفتاء شعبي وهمي .
- تثبيت السلطة وبناء الدولة الأمنية (1971–1980)
رسّخ حافظ الأسد حكمه عبر:
توسيع صلاحيات الأجهزة الأمنية.
اعتماد مبدأ الولاء قبل الكفاءة.
- تشكيل شبكة واسعة من الأجهزة الاستخباراتية التي تراقب بعضها البعض.
أحداث مهمة:
1973 – إصدار الدستور الجديد
نصّ على أن حزب البعث هو “القائد للدولة والمجتمع”.
واجه معارضة من بعض الفئات، خاصة بسبب تجاهله لجعل الإسلام مصدرًا أساسياً للتشريع.
1976 – التدخل في لبنان
أرسل حافظ الأسد قوات سورية إلى لبنان في بداية الحرب الأهلية هناك، تحت غطاء “قوات الردع العربية”.
- الهدف الأساسي كان منع سقوط لبنان بأيدي القوى الفلسطينية المتحالفة مع اليسار اللبناني، والذي كانت إسرائيل تعتبره تهديداً مباشراً.
- مرحلة الصراع الدموي الداخلي (1976–1982)
تمردقطاع كبير من الشعب السوري وخاصة الإخوان المسلمين والقمع الدموي
1979 – مجزرة مدرسة المدفعية بحلب
هاجمت مجموعة مسلحة تابعة لـ”الطليعة المقاتلة” من الإخوان المسلمين مدرسة المدفعية وقتلت نحو 80 ضابطًا علويًا.
شكل هذا نقطة تحول في المواجهة بين النظام والإخوان.
1980 – محاولة اغتيال حافظ الأسد
فشلت محاولة اغتيال الأسد في يونيو 1980.
رد النظام سريعًا: أُعدم مئات المعتقلين السياسيين، في سجن تدمر خلال ساعات قليلة، في مجزرة تُعد من الأفظع في تاريخ السجون السورية.
1982 – مجزرة حماة
قاد رفعت الأسد (شقيق حافظ) حملة عسكرية ضخمة على مدينة حماة التي كانت مركزًا للتمرد المسلح ضد النظام.
- النتائج:2.2.1982
- دمار كبير للمدينة القديمة وتهديم عدد كبير من الأحياء ومن أهمها حي الكيلانيه الأثري والزاويه القادرية الكيلانيه وحي الشماليه والزنبقي والباروديه وقسم كبير من حي الحاضر وسوق الطويل وعدد كبير من المساجد والكنائس
- عدد القتلى يتراوح بين 30,000– 40,000 مدني (تقديرات مختلفة).
- تم سحق حركة الإخوان المسلمين في سوريا بشكل كامل تقريبًا. وزج عدد كبير من الناس في السجون
- مرحلة الثبات والتحالفات الإقليمية (1983–1990)
1983 – أزمة صحية
أصيب حافظ الأسد بنزيف دماغي مؤقت.
بدأ الحديث عن انتقال السلطة إلى شقيقه رفعت الأسد، ما تسبب بأزمة داخلية.
سرعان ما عاد حافظ إلى السيطرة، وأُبعد رفعت إلى خارج البلاد وحصل على مبالغ ضخمة من الاموال تقدر باكثر من 400 مليون دولار ودفع معمر القذافي جزءا منها
التحالف مع إيران (منذ 1980)
خلال الحرب الإيرانية-العراقية (1980–1988)، وقف الأسد مع إيران ضد صدام حسين، في خطوة صادمة للعالم العربي.
1989 – اتفاق الطائف في لبنان
رعى النظام السوري اتفاق الطائف، الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، وكرّس النفوذ السوري المباشر في لبنان حتى عام 2005.
- فترة ما بعد حرب الخليج وحتى وفاته (1991–2000)
1991 – مشاركة سوريا في التحالف الدولي ضد العراق
شارك الأسد بقوات رمزية إلى جانب التحالف الذي حرّر الكويت من الاحتلال العراقي.
سمحت له هذه الخطوة بتحسين العلاقات مع الغرب، خاصة الولايات المتحدة.
الانفتاح الاقتصادي الحذر
شهدت التسعينيات انفتاحًا اقتصاديًا خجولًا تحت اسم “اقتصاد السوق الاجتماعي”.
لكن الفساد والمحسوبية استمرّا، ما أبقى الوضع الاقتصادي ضعيفًا.
التحضير للتوريث
بدأ الأسد بإعداد ابنه باسل الأسد ليخلفه، لكن باسل توفي في حادث سير عام 1994.
بعدها، بدأ بإعداد ابنه بشار الأسد، الذي تم اعادته من بريطانيا وإدخاله في الجيش وتدريبه سياسيًا.
- وفاة حافظ الأسد (10 يونيو/حزيران 2000)
توفي في دمشق إثر نوبة قلبية.
تم إعلان الحداد رسميًا، وأُقيمت جنازة ضخمة حضرها زعماء عرب وأجانب.وعلماء دين
خلال ساعات، عُدّل الدستور السوري لخفض سن الترشح للرئاسة من 40 إلى 34 عامًا، لتمكين بشار الأسد من تسلم السلطة.
مرحلة حافظ الأسد اتسمت بالاستقرار السلطوي، المبني على القمع، الأمن، والتحالفات الإقليمية المحسوبة. لكنه ترك إرثًا ثقيلًا من الانقسامات الطائفية، القمع السياسي، والمركزية المطلقة للسلطة. انتقال الحكم إلى بشار الأسد لم يكن انتقالًا في المنهج بقدر ما كان امتدادًا للنظام الذي أسّسه والده.
والان اليكم تقريرًا موسّعًا وشاملًا يركّز على المرحلة الدموية في حكم حافظ الأسد، مع تفاصيل معمقة حول حرب تل الزعتر والاعتقالات والمجازر في سجن تدمر وصيدنايا:
- حرب تل الزعتر (1976)
بدأت الحملة ضد مخيم تل الزعتر للاجئين الفلسطينيين شمال شرق بيروت في يناير 1976، مع حصار فرضته الميليشيات المسيحية اللبنانية المدعومة بقوات سورية بقيادة حافظ الأسد .ونفذ هذا العمل العميد علي المدني
استمر الحصار 52 يومًا، تخللها قصف مدفعي عنيف — أحيانًا 3 قذائف في الدقيقة — واستخدام دبابات ومقاتلين بروح انتقامية
- في 12 أغسطس 1976، اقتحمات الميليشيات المخيم؛ أُعدِمت المئات بإجراءات ميدانية وحُرق المخيم بالكامل (
- التقديرات تشير إلى 1500–4280 قتيلًا بين فلسطينيين ومدنيين لبنانيين، إضافة إلى حالات اغتصاب وتلفيق مقابر جماعية وغير موثقة .
- هذه الحملة مثلت انقلابًا مفاجئًا في دعم الأسد للفصائل الفلسطينية، وكرّست الشرخ الطائفي في المنطقة ونفوذ سوريا المباشر في لبنان.
- الاعتقالات والملاحقات السياسية
- بعد وصوله للسلطة، ألغى حافظ الأسد الحريات السياسية وأطلق قمعًا ممنهجًا ضد المعارضين الإسلاميين واليساريين، تحت حالة الطوارئ التي بقيت مفعّلة حتى 2011
- آلاف معتقلين قُتلوا أو اختفوا قسريًا في مراكز احتجاز مختلفة، خاصة في الثمانينيات؛ قدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أكثر من 17,000 حالة اختفاء قسري خلال حكمه .
كان النظام يعتمد على نهج القمع الممنهج: اعتقالات جماعية، تعذيب، محاكمات عاجلة أو غير معلنة، بدون أي إجراءات قضائية عادلة .
- مجزرة سجن تدمر (27 يونيو 1980)
عقب محاولة اغتيال فاشلة ضد حافظ الأسد في 26 يونيو 1980، قاد شقيقه رفعت الأسد جهاز “سلاح الدفاع” لشن مجزرة داخل سجن تدمر .
- دخلت وحدات قتالية عبر مروحيات، نفّذت عمليات قتل جماعي أسفرت عن إعدام فوري لحوالي 500–1000 سجين محكوم عليهم كإسلاميين أو معارضين سياسيين .
- سجن تدمر أصبح رمزًا للتعذيب الجماعي والإعدم خارج إطار القانون، وقد رسّخ التوتر الطائفي بين العلويين والسنة .
- سجن صيدنايا – إرث القتل المنهجي
رغم أن القمع وصل ذروته بعد وفاة حافظ، فإن صيدنايا كانت بالفعل في عملها مستمرة تحت حكمه كأسلوب قمعي:
حوكم الآلاف باجتياحات أمنية.
تم استخدام التعذيب الممنهج، الإعدام السري، واختفاءات قسرية .
- بعد تسجيلات أميركية ومصادر حقوقية:
- العشرات أُعدموا في أقسام “الموت البطيء” في الزنزانات المكتظة.
رفعت الأعداد في التسعينيات والألفينات، وأصبحت صيدنايا “جزءًا من ثقافة الخوف والسيطرة” .
اليوم أنتجت شهادات جديدة تثبت أن نظام الأسد – بدءًا من والده – استخدم السجن كـ”مصنع للقتل خارج القانون” .
- 5. تأثير الدمج الطائفي والأمني
- حافظ الأسد بنى نظامه على قاعدة علوية داخل الجيش والمخابرات، حيث زود أجهزته بأساليب تعذيب مستمدة حتى من خبرات نازية عبر مستشارين مثل Alois Brunner
اعتمد على تداخل الأجهزة الأمنية لمنع أي منافسة داخليّة، واستنزاف المعارضين داخليًا من خلال الخوف والابتزاز ومنع نشوء أي حركة معارضة.
*رئيس اتحاد الاطباء والصيادلة العرب بالنمسا/ فيينا.
كلمات البحث
إقرأ أيضًا
من ثورة الثامن من آذار إلى الحركة التصحيحية في سوريا
مجزرة سربرنيتسا: ثلاثون عامًا وما زال الجرح مفتوحًا (1995 - 2025)
الاكثر شهرة
أسئلة مباحة في زمن صعب!!
أسئلة مباحة في زمن صعب!! رامة ياسر حسين* هل حصلنا على الحرّيّة حقًّا أم زادت المسافات بيننا كبشر؟ ألم تعل...
سورية قادرة على النهوض من جديد!!
سورية قادرة على النهوض من جديد!! فن ومدن* في ليلة مفعمة بالمشاعر والأمل، اجتمع أبناء الجالية السورية والعربية لي...
"محمود حامد" الفلسطيني.. ينتظر عروجاً تالياً من "دمشق" إلى "بيسانه"!!..
"محمود حامد" الفلسطيني.. ينتظر عروجاً تالياً من "دمشق" إلى "بيسانه"!!.. * درويش استلافاته كثيرة وكان يستفيض من بر...
مطار دمشق
أفضل طيران في العالم.. أول الواصلين إلى دمشق❤️ الخطوط الجوية القطرية تستأنف رحلاتها الجوية من الدوحة إلى دمشق ا...