من العبوس إلى الابتسامة: هل بدأت الخطوط الجوية السورية تكتب فصلاً جديداً؟

الخطوط الجوية السورية
من العبوس إلى الابتسامة:
هل بدأت الخطوط الجوية السورية تكتب فصلاً جديداً؟
د. تمام كيلاني*
لطالما كانت الرحلة على متن الخطوط الجوية السورية، في سنوات النظام البائد، مرادفاً للعبوس والجمود والتعامل الفوقي مع المسافرين..
كان طاقم الضيافة — في معظم الرحلات— يستقبل الركاب بوجوه متجهمة ونفوس متبرمة، وكأنّ الراكب عبء لا ضيف، والمطالبة بكوب ماء أو وجبة طعام أمر يستحق التأفف والتجاهل. هذه التجربة ظلّت محفورة في ذاكرة كثير من السوريين الذين اعتادوا أن تكون رحلتهم على "الناقل الوطني" مليئة بالإحباط أكثر من الراحة.
ولكن، يوم الأربعاء 15 تشرين الأول، تغيّر المشهد.
وصلتُ من فيينا إلى إسطنبول على متن الخطوط التركية، ومنها تابعت رحلتي إلى دمشق عبر الخطوط الجوية السورية، وكانت المفاجأة:
كل شيء كان مختلفاً.
طاقم الطائرة استقبل الركاب بوجهٍ بشوشٍ، وبسلوك مهني محترم، لم يكن هناك عبوس، ولا تعالٍ، ولا تلك "الرغبة في التخلص منك بأسرع وقت ممكن" التي كنا نشعر بها سابقاً، بل على العكس، كانت المضيفات يتجولن بهدوء، يعرضن المساعدة، يلبين الطلبات، ويتعاملن مع الجميع بلطف يليق بشركة طيران تحترم نفسها وركابها.
حتى الإجراءات في مطار دمشق الدولي كانت أكثر تنظيماً، وتعامل الموظفين مع القادمين يتّسم بالمهنية واللباقة وهو أمر كان نادراً في سنوات القهر والبيروقراطية الأمنية الثقيلة.
هل هو تغيير فعلي في ثقافة العمل؟ أم مجرد لحظة استثنائية؟
مهما يكن الجواب، فإن ما شهدته على تلك الرحلة يمنح بارقة أمل، ويستحق أن يُذكر. فقد تعب السوريون من الإهانة، ومن الشعور بأنهم "متطفلون" في بلادهم. وإذا كانت مؤسسة من مؤسسات الدولة بدأت تعيد النظر في طريقة تعاملها مع الناس، فهذا مؤشر صحي، ولو بسيط.
الاحترام لا يتطلب ميزانية ضخمة، والابتسامة لا تُكلف شيئاً، لكنها تصنع فرقاً عظيماً.
فلعلّها تكون بداية جديدة…
بداية تستحق أن تُستثمر، وتُبنى عليها ثقة الناس من جديد.
*رئيس اتحاد الاطباء والصيادلة العرب بالنمسا.
إقرأ أيضًا
دعوة لحضور افتتاح مراكز الرعاية الأولية في ريف إدلب
دمشق تستعد لاستضافة المؤتمر الطبي العربي الأوروبي الأول (EPAMC 2025)
الرئيس أحمد الشرع: مقاربة في الخطاب السياسي والنهج الفكري
الاكثر شهرة
المؤتمر الطبي الأوربي العربي الأول بدمشق
المؤتمر الطبي الأوربي العربي الأول بدمشق مؤتمر الياسمين فن ومدن* تحت عنوان (الابتكارات الطب...
أسئلة مباحة في زمن صعب!!
أسئلة مباحة في زمن صعب!! رامة ياسر حسين* هل حصلنا على الحرّيّة حقًّا أم زادت المسافات...
عندما يغلق المراهق بابه كيف نفتح باب الحوار
عندما يغلق المراهق بابه كيف نفتح باب الحوار ملاك صالح صالح* في الكثير من البيوت العربية،...
الطفولة المعنّفة.. كيف تنجو من ذاكرة الجسد!!
الطفولة المعنّفة.. كيف تنجو من ذاكرة الجسد!! ملاك صالح صالح* قبل أن تبدأ رحلتنا في بحر ال...