رد على مقال أحمد نذير أتاسي: من خلط الوقائع إلى تبرير الخيانة!!

د. تمام كيلاني
رد على مقال أحمد نذير أتاسي: من خلط الوقائع إلى تبرير الخيانة!!
د. تمام كيلاني*
مقال أ. أحمد نذير أتاسي:
لتوضيح بعض الامور.
تتم شيطنة الهجري لانه يرفض بسط الجولاني لسيطرته على السويداء. لو كنت مكانه، لقاتلت الجولاني بالغالي والنفيس، انه لا يمثل دولة بل ديكتاتورية ناشئة خبيثة الطبيعة والطباع.
وتتم شيطنته لانه يتواصل مع اسرائيل ويطلب العون. لو كنا في دولة حقيقية لحاكمته بتهمة الخيانة او الانفصال. لكننا لسنا في دولة حقيقية. واثناء الحرب حيث اعتبرت اجزاء كبيرة من البلد ان الدولة غير شرعية، لم يبق سياسي سوري من صغيرهم الى كبيرهم الا واتصل باسرائيل وعرض خدماته مقابل دعم اسرائيل لاجندته السياسية. وهذا ينطبق على الجولاني الامس واليوم. لا بل تلقت فصائل في درعا مختلف انواع المعونات من اسرائيل بما فيها الاسلحة.
واكبر خدمة قدمتها اسرائيل للجولاني هي انها اسقطت الاسد قبل ان يدخل الجولاني الى سوريا.
ما يجري اليوم هو تجييش طائفي وسخ ووقح من اجل اغراض بسط السيطرة وتثبيت الحكم. لا بل ابعد من ذلك، تجري عسكرة المجتمع تماما كما فعل الاسد في الثمانينات وبنفس الطريقة.
وان ردود افعال الجماهير على هذه السياسة تتطابق مع ردود افعالها ضد سياسة التجييش الطائفي التي اتبعها بشار الاسد من قبله.
الخوف من الحكومة، التشبيح، قمع الرأي المخالف بالغوغاء، استخدام رجال الدين، نعت الاخرين بنعوت اقصائية مثل كفار وخنازير واقليات، التهديد المباشر وغير المباشر، المسيرات "العفوية"، الحفلات الغنائية، التهكم بآلام الاخرين وتحويلهم الى اشباه بشر.
انه نفس التجييش الطائفي مع تغير النعوت، ونفس السياسة، ونفس التنفيذ ونفس ردة فعل الجماهير. ان من قلنا عنهم همج ووحوش من سنة كانوا يفعلون تماما ما تفعله الجماهير البوم، السنية وغير السنية، الموالية للحكومة. لا يكفي ان تكون مقتنعا بأنك على حق لتكون على حق. الاسد كان مقتنعا بنفس درجة قناعة الجولاني، ومؤيدوه كانوا مقتنعين بنفس درجة اقتناع مؤيدي الجولاني اليوم.
هل تعرفون من لم يتغير موقفه واستمر على الحياد خلال الحرب واليوم، انهم الدروز. انتقدناهم كثيرا لحيادهم، دفعوا ثمنه مع الاسد ويدفعون ثمنه مع الجولاني. انهم افضل منا جميعا. واذا ارادوا يوما ان ينفصلوا عن سوريا فاني لا الومهم. انا نفسي احس بالقرف من رؤية اهالي حمص وحماة وحلب يرقصون على انغام يلعن روحك يا هجري ويطالبون بقتل الدروز. واحس بالقرف من رؤية ائمة المساجد الذي عانوا الحصار والتهجير يصرخون من على المنابر يخونون الهجري ويدعون الى النفير العام تنفيذا لسياسة الدولة بعسكرة المجتمع وقتل المعارضين. عليكم من الله ما تستحقون. قتلتم العدالة الانتقالية، ولو تحققت يوما سنحاكمكم على ما اقترفت ايديكم.
اما العشائر، فلا بد لهذه المهزلة انت تنتهي، ولا بد ان يتخلص المجتمع من مفهوم العشيرة كفزعة عسكرية وكولاء اقصائي. لا انتم شرفاء ولا عندكم نخوة ولا اخلاق. بنيات ذكورية مقيتة تعيق بناء المجتمع الحديث ويجب التخلص منها.
احمد نذير اتاسي.
رد على مقال أحمد نذير أتاسي: من خلط الوقائع إلى تبرير الخيانة
أولًا، دعونا نبدأ بالتصحيح الأساسي:
الاسم الذي يتحدث عنه الكاتب ليس “الجولاني”، بل هو أحمد الشرع، رئيس حكومة الإنقاذ، وهو رجل أصبح يُعرف اليوم، باعتراف أغلب الفاعلين المحليين والدوليين، بأنه من أنهى حقبة البعث والاستبداد الأسدي، بينما كانت المعارضة “الرسمية” تمضي وقتها في فنادق الخمس نجوم، تقايض دماء السوريين بالمناصب والصفقات.
- “شيطنة” الهجري؟
لم تتم شيطنة الهجري من فراغ. الرجل هو من طلب العون من إسرائيل علنًا. وهو من أصر منذ أكثر من نصف عام على زيارة الأراضي المحتلة بحجة “الحج إلى الأماكن المقدسة”. فهل يمكن تخيل رجلًا يقود مجتمعًا بأكمله ثم يقف على حدود العدو ليطلب “البركة” من دولة ما زالت تحتل الجولان وتقصف أهل غزة؟!
وإذا كان هناك من يرفض بسط سيطرة الحكومة في السويداء، فليكن واضحًا أن البديل الذي يقترحه الهجري ليس استقلالًا ولا كرامة، بل مزيدًا من التبعية لإسرائيل. فكيف يصبح من يطلب دعم الاحتلال ضد أبناء وطنه “بطلاً”؟ هل هذه هي الوطنية في عرف الكاتب؟
- التطبيع مع العدو: ازدواجية المعايير
الكاتب يدّعي أن الجميع في سوريا، من صغيرهم إلى كبيرهم، تواصل مع إسرائيل خلال الحرب. هذا كلام كبير، عام، غير مدعوم بأي دليل. بل هو تبرير صريح لخيانة الهجري، تمامًا كما كان النظام يبرر جرائمه بجرائم غيره.
ثم يقول الكاتب: “لو كنا في دولة حقيقية لحاكمناه بتهمة الخيانة”. حسنًا، هل انتقاد الدولة لأنها لا تحاكمه يُعفيه من المسؤولية؟! بل على العكس، المشكلة أن هذا الفعل مرّ دون محاسبة، ويبدو أن البعض يريد تحويل الخيانة إلى وجهة نظر.
- دور أحمد الشرع: نهاية البعث وليس ولادة ديكتاتورية
أحمد الشرع ليس ديكتاتورًا، ولم يأت على ظهر دبابة، بل جاء من رحم المعاناة السورية، من ساحات القتال، من الأرض، وليس من مؤتمرات الدوحة أو باريس أو تل أبيب.
هو من أنشأ بنية إدارية حقيقية في مناطق شمال غرب سوريا، وحاول أن يوجد دولة من لا دولة.
فهل من يحرر الأرض وينشئ المؤسسات ويؤمن الخدمات هو “خبيث الطبع والطباع”؟
وهل من يفتح الأبواب للموساد هو “محايد ونزيه”؟ هذا قلب للحقائق بشكل فجّ.
- التجييش الطائفي؟ خطاب مقلوب
الكاتب يتهم حكومة الإنقاذ بالتجييش الطائفي، دون أن يأتي بدليل واحد على صدور أي خطاب طائفي من أحمد الشرع أو وزرائه.
بل على العكس، جميع الخطابات الرسمية المتاحة علنًا خالية من أي محتوى طائفي.
بينما من قام بالتحريض الطائفي الصريح هم عدد من المتطرفين المحسوبين على الهجري نفسه. ألم يكن هو من رفض دخول وزراء الصحة والخدمات إلى السويداء؟ هل هذا هو “الحياد” الذي يتحدث عنه الكاتب؟!
- مجزرة المستشفى: من الذي قتل؟
الكاتب يتحدث عن “الرد الجماهيري” على “قمع الحكومة”، لكنه لا يذكر مجزرة المشفى التي ارتكبتها جماعة الهجري، حيث قُتل أكثر من 100 إنسان بريء.
لم يكونوا مقاتلين ولا “غوغاء”، كانوا مدنيين وجرحى وأطباء. من الذي عسْكَر المجتمع؟ من الذي بدأ بالعنف؟ هل هؤلاء أيضًا أصبحوا مجرد “تفاصيل” في رواية كاذبة عن “المظلومية الدرزية”؟
- الحياد ليس دائمًا فضيلة
أما عن قول الكاتب إن “الدروز لم يغيروا موقفهم وبقوا على الحياد”، فحيادهم حين كان الوطن كله ينزف ليس فضيلة بل تواطؤًا مقنّعًا. والدروز في السويداء ليسوا كتلة واحدة، بل فيهم من هو مع الثورة، وفيهم من هو ضد، وفيهم من هو مع الأسد، وفيهم من باع نفسه لإسرائيل. التعميم هنا مضلل وغير منصف.
- أزمة العشائر: قراءة انتقائية
نقد الكاتب للعشائر يحمل في طياته تمييزًا عنصريًا مناطقيًا واضحًا. العشائر في سوريا ليست كتلة واحدة، وفيها من ضحى وقاتل النظام والأسد، وفيها من انتفض ضد داعش وضد مشاريع الانفصال.
فهل نقبل بمنطق “إلغاء الآخر” كما يفعل الطغاة الذين ندعي أننا نعارضهم؟! أم أن كل من لا يعجب الكاتب يصبح بلا “نخوة” ولا “أخلاق”؟
خلاصة:
كلام الكاتب مليء بالمغالطات، وفيه تبرير للخيانة، وتطبيع مع العدو، وشيطنة لمن حرّر، وتجميل لمن تواطأ.
ما يُفترض أن يكون تحليلًا سياسيًا، انقلب إلى منشور تعبوي مليء بالكراهية، يقلب الجلاد ضحية، والضحية جلادًا.
أحمد الشرع ليس ملاكًا، لكنه لم يكن خائنًا.
الهجري ليس “محايدًا”، بل شريكًا في مشروع خطر على وحدة البلد وأمنه.
والعدالة الانتقالية التي يدعو إليها الكاتب تبدأ من قول الحقيقة، لا من تزويرها.
*رئيس اتحاد الاطباء والصيادلة العرب بفيينا.
كلمات البحث
إقرأ أيضًا
العالم كما يُراد لك أن تراه: حين تتحوّل الكاميرا إلى مدفع صامت
من ثورة الثامن من آذار إلى الحركة التصحيحية في سوريا
مجزرة سربرنيتسا: ثلاثون عامًا وما زال الجرح مفتوحًا (1995 - 2025)
الاكثر شهرة
أسئلة مباحة في زمن صعب!!
أسئلة مباحة في زمن صعب!! رامة ياسر حسين* هل حصلنا على الحرّيّة حقًّا أم زادت المسافات...
سورية قادرة على النهوض من جديد!!
سورية قادرة على النهوض من جديد!! فن ومدن* في ليلة مفعمة بالمشاعر والأمل، اجتمع أبناء الجالية...
"محمود حامد" الفلسطيني.. ينتظر عروجاً تالياً من "دمشق" إلى "بيسانه"!!..
"محمود حامد" الفلسطيني.. ينتظر عروجاً تالياً من "دمشق" إلى "بيسانه"!!.. * درويش استلافاته كثي...
مطار دمشق
أفضل طيران في العالم.. أول الواصلين إلى دمشق❤️ الخطوط الجوية القطرية تستأنف رحلاتها الجوية...