
الفنان زياد الرحباني
بالنسبة لبكرا شو!.. هل أراد زياد تلقيننا ثقافة الوادع!
بالنسبة لبكرا شو!.. هل أراد زياد تلقيننا ثقافة الوادع!
طلال مرتضى*
أنا لا أتحدث عن حرفية الموت ولا عن زياد، بل عن فيروز من باب السؤال، هل ما تمر به تلك السنديانة أمتحان أم غضب وأجزم بأن كلمة غضب مستبعدة، فمن استطاعت وعلى مدار عمر أن تفك أبواب البهجة والفرح بوجه مريديها لا يمكن لبشر أو لذات علية أن تغضب من فيروز
فيروز ذاك الوجه الباهي الذي قلما نفوت صباحا من دون أن نتلمس ملقاه، دون أن نتنادد معا في الحكايات، ونتهامس فيما بيننا عن يارة ال جدايها شقر وكيف ضاع شادي.. شادي لم يضع يا فيروز بل افتندينا غيابه بزياد، وزياد الذي كنت تقولين له: تعا ولا تجي وضحاك علي. سنردد معك: سلم لي عليه وبوس لي عينيه.
هل كان نذرا أن تحمل وزر كل وقفات الفراق هذه، بدءا من عاصي إلى منصور والياس واليوم زياد المشاغب الذي ولد من رحم إنسانية الكون، وذهب منزها دون أن يمسسه حبر.
معرفتي بهذا المخلوق النوراني أول مرة كانت في البيكادلي على هامش عرض ساخر، لم أر مثل هذا الرجل من قبل، رجل يبكي لكي يُضحك الناس.
شاءت الحكاية أن انتقل إلى بيروت بعد قيامة حرب البلاد وأعمل في الوسط هناك وهذا ما أتاح أن أكون بالقرب من مجمع أقلام بيروت وعلى طاولة واحدة، تلك الطاولة التي يعرفها كل مثقفي بيروت والتي يذلل كرسيها كل الخلافات بين أي لبناني يختلف مع لبنان بفعل السياسة أو الطائفة أو على صعيد العمل وبالتأكيد أتحدث عن طاولة عصام العبد الله الذي خان كل مريديه وقت تسلله بصمت نحو جهة اللاعودة تاركا كرسيه مشرعا إلى بحر الروشة وسط الصمت المطبق المتفلت بإرجاء مقهى الروضة البيروتي.
في حوارية جميلة بينه وبين عصام كنت المبهوت وأنا أجلس بالقرب من زياد:
_ وليه زياد.. ما بدك تترك الست بحالها؟.. شو أصة أنو هي بتحب السيد حسن؟
_ ليك عصام.. هن عم يقولوا هيك وأنا أكدت.. بس وحياتك مش ببلاش.. هالخبرية ب 100 ألف دولار وكاش.. ي خيي م الكل بيحب السيد!
_ فهموها أو فسروها غلط.
_ مية ألف حلوين.. والكل بيحب السيد.
_ عفاك.
بعيدا عن قصة المائة ألف التي لا أجزم بأنها صحيحة بل إحدى افتعالات زياد ونهفاته المحببة، وهو العارف متى على المرء أن يتحدث ومتى يسكت، وكانت تلك المرحة بمثابة خلط اوراق في وقت كانت لبنان تحتاج لمثل هذه النهفة والتي أخذت حيزا كبيرا في وسائل الاعلام وقتها تحت عنوان (السيد وفيروز).
ذات ظهرية كانت طاولة عصام مكتظة على بكرة أبيها من الكرسي إلى الكرسي في مقهى الروضة بالركن القصي المطل على شرفة مسبح النادي العسكري والبحر مباشر، كان لدخول زياد ارتداد مختلف على جميع رواد المقهى، ففي تلك الزيارة كان يرتدي زياد زيا فلكلوريا لونه أبيض مخطط بألوان سوداء، شروال وصدرية قصيرة يفصل بينهما كمر كماشي (حزام) عريض يغطي نصف البطن ونصف الحوض، كان اللباس متناسق مع طوله تماما ولافتا مع مشيته الحذرة باتجاه طاولة عصام حيث وقف على رأس الطاولة المقابل لعصام:
_ شبيبة.. عوافي.
رد الجميع باستثناء عصام الذي لم يزل يتمحص ما يرتديه زياد والذي اردف:
_ ما بدن يجيبولنا كرسي.. وينن تبع الكراسي؟
عاجله عصام بالرد:
_ كرسي شو.. قلك شي.. ليك في كتير طاولات فاضية هونيك.. أد مافيك بعد.
_ هيدي إلي ي عصام.. كأنه عم تزعبني.
_ لا.. ما عم أزعبك.. بس اني خايف.. شو يثبت لي إنك ما جاية من الرقة (وقت كانت داعش) وهيدا اللي لابسه ع بطنك حزام ناسف مش كمر!.
زياد كما أبيه واعمامه وعصام وسعيد وكل من علمونا أفكار الحبر يغادرون على صمت كي لا يفسدوا في وفي ود البكاء دمعة سخية.
*موقع فن ومدن للإعلام/ فيينا.



إقرأ أيضًا
الاكثر شهرة
أسئلة مباحة في زمن صعب!!
أسئلة مباحة في زمن صعب!! رامة ياسر حسين* هل حصلنا على الحرّيّة حقًّا أم زادت المسافات...
سورية قادرة على النهوض من جديد!!
سورية قادرة على النهوض من جديد!! فن ومدن* في ليلة مفعمة بالمشاعر والأمل، اجتمع أبناء الجالية...
"محمود حامد" الفلسطيني.. ينتظر عروجاً تالياً من "دمشق" إلى "بيسانه"!!..
"محمود حامد" الفلسطيني.. ينتظر عروجاً تالياً من "دمشق" إلى "بيسانه"!!.. * درويش استلافاته كثي...
مطار دمشق
أفضل طيران في العالم.. أول الواصلين إلى دمشق❤️ الخطوط الجوية القطرية تستأنف رحلاتها الجوية...